مقالات

اليمن وآفاق السلام المنشود

 


الاحتفال بمولد الرسول (ص) ليس حدثاً طارئاً على اليمنيين، وكانوا يحتفلون به في جو روحاني ليس فيه سفه ولا ترف رغم أن مناخات الحياة كانت طبيعية والتعامل مع الحدث العظيم تلقائية.


 


مهما حاول أنصار الله تصوير ما يفعلونه قسرا اليوم بأنه ليس فعلا سياسيا، فإنه في مظاهره وأهدافه لا علاقة له بروحانية هذا اليوم واستذكار عظمته!


 


وواضح أنهم لا يراعون مشاعر الناس وفقرهم وعوزهم وجوعهم.


 


محزن هذا الانفصام بين الحوثيين وبقية المجتمع، والأكثر مأساوية هو اعتقادهم بصواب منهجهم وحكمة قيادتهم وإنكار خطاياهم!


 


وعلى الصعيد السياسي.. فإن ‏لقاء الرئيس هادي قبل يومين مع اللواء الزبيدي رئيس “الانتقالي” يمثل خطوة ممتازة يجب أن تسهم في تمكين الرئيس ونائبه ومستشاريه والقيادات الحزبية والوزراء وكل المتواجدين في كشف المرتبات من العودة إلى عدن بعد خمس سنوات من الغياب المذل للدولة!


 


وفي حين أن لقاء ‏هاني بن بريك واللواء الزبيدي مع الرئيس اليمني عبرا عن مرحلة جديدة في مسار السلام واعتراف صريح بالوحدة اليمنية التي يمثلها هادي وحكومته، فإن عودة الحكومة إلى عدن بجميع مكوناتها تمثل استعدادا حقيقيا لمفاوضات السلام القادمة بين الحكومة والحوثيين.


 


بينما يعد الصراع المحتدم بين من يدعون تمثيل اليمنيين واليمنيات للحصول على حصة في الحكومة القادمة، تعبيراً عن عدمية هذه المكونات التي فرضت نفسها ممثلة للمجتمع.


 


كثيرون منهم طالبوا لجوء مع أسرهم في الخارج ولا يعلم كثيرون كيف صاروا يدعون أنهم قيادات لهذه المكونات، ومن يختارهم لتمثيل مكونات غامضة.


 


قادة الأحزاب السياسية فرضوا أنفسهم في مواقعهم واحتكروها وشاخوا فيها، وللأسف الشديد تفعل تكتلات نسائية للمرأة وللشباب نفس الصنيع.


 


إن تمثيل المكونات ليس رقما وإنما نريد كمواطنين أن نعرف ما هي برامجهم وليس فقط أنه حصة إجبارية.


 


وبالتأكيد أن المناداة بوقف الحرب ليس منطلقا من الاصطفاف مع طرف ضد آخر، ولكن لأن استمرارها لم يعد مجدياً لتحقيق الأهداف التي كانت متوخاة منها.


 


أقول هذا لأن كلفتها البشرية والمادية فاقت كل ما كان متوقعا كما أن المنطقة صارت بأكملها بحاجة لحشد إمكاناتها في مسار التنمية والاستقرار، وهذان الهدفان لا يمكن التوصل إليهما عبر القوة فقط.


 


نحن أمام فرصة جديدة لإنهاء هذه الحرب خصوصا بعد الرد الإيجابي الذي عبرت عنه المملكة بلسان الأمير خالد بن سلمان ردا على المبادرة التي أطلقت من صنعاء لوقف العمليات العسكرية كخطوة أولى في اتجاه وقف الحرب.


 


إن انعدام الثقة ما زال هو المسيطر على المناخ، ولكني على يقين أن ذلك ممكن تجاوزه بضمانات متبادلة من كل الأطراف تبعد شبح التدخلات الإيرانية وغيرها.


 


ويعرف الجميع أن الذكي من اعتبر بتجارب التاريخ وتفهمها.. لكن للأسف فإن العمل السياسي ليس راسخا عند جماعة أنصار الله وهم يتعاملون مع القضايا المصيرية من منظور ضيق خاص بهم وينطلق من فهمهم للوطن والمواطنة.


 


أتمنى أن يكونوا قد استوعبوا حجم الكارثة التي أوقعوا فيها البلد وأنفسهم فيها باللجوء إلى السلاح وسيلة لفرض قناعاتهم.. حتى وإن تصوروا أن عدم هزيمتهم عسكريا هو نصر لهم إلا أنهم بذلك لا يدركون هول فواجع الحرب وآثارها.


 


وأنا أدعو لوقف الحرب منذ يومها الأول، وأتصور أن المرحلة الحالية هي من الفرص التي لا أريد لها أن تمر كالسحاب.


 


 

زر الذهاب إلى الأعلى