قال عبدالباري طاهر مرّة “الجهل عورة”.
أتذكرون ذلك الشيخ الإسلامي الذي هاجم الحداثة الأدبية باعتبارها كفراً وذكر اسمي أوليفر تويست ودايفيد كوبر فيلد (وهما عنوانان لروايتين) ضمن دعاة هذه الحداثة الملحدة… إلخ!؟
تذكّرت هذا وأنا أقرأ مقالاً يهاجم فيه كاتبه جائزة نوبل للآداب ويتهمها بالخضوع للتوجه الصهيوني المعادي للفلسطينيين، ويذكر مما يذكره من أسماء الفائزين بها: غابرييل غارسيا ماركيز، جوزيه ساراماغو، جان ماري غوستاف لو كليزيو.
بالتأكيد، أنا لست هنا في حال دفاع عن هذه الجائزة، لكن الكاتب ذكّرني بالشيخ وخطبته، إذ لا يبدو أنّه قد قرأ لهؤلاء أو عرف رأيهم في الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي، وإلاّ لكان قد ستر عورته!
وبالنسبة لما أعلنه اليمنيان قاسم باعشن وأحمد عمر باعشن عن تركهما للإسلام، ليس ظاهرة فردية!
ولا يقتصر الأمر على اثنين أو ثلاثة أعلنوا إلحادهم، فهناك موجة كبيرة من الأجيال الحديثة، كما أظن، سوف تمضي في هذا الاتجاه.
مع انسداد الأفق الإسلامي من قبل الكهنوت الديني وداعش وقبلها القاعدة.
في اليمن، مثلاً، تصوّروا شخصاً مثل عبدالمجيد الزنداني ما زال يؤمن بالطب الحلال وينشر الخرافة العلاجية في الوقت الذي صار الطب الحديث يزرع أعضاء بشرية ويعمل على تأخير الشيخوخة وإطالة العُمر.
ويحرّم واحد بليد مثل عبدالله العديني، لم يقرأ سوى صحيح البخاري، مشاهدة فيلم سينمائي في دار للسينما في الوقت الذي صارت فيه شبكة الانترنيت في كل بيت ويستطيع كل شخص أن يشاهد ويقرأ ما يريد!
أظن أن التحول إلى الإلحاد من قبل المسلمين سيكون هو الموجة الظاهرة في ضوء تعنت رجال الدين وتحويلهم الخطاب الديني إلى ممارسة كهنوتية لا تنشر سوى البلادة والجهل!
والدين ليس مسألة شخصية في العالم العربي والإسلامي، لأسباب جداً واضحة؛ فالكهنوت الديني المتمثل برجال الدين وفتاويهم والمؤسسات التي ترعاهم يتدخلون في كل تفاصيل حياتنا: كيف تأكل؟ وكيف تشرب؟ وما الحلال منهما؟، وكيف تضاجع زوجتك؟، وما الآيات المستحب قراءاتها في أثناء ذلك وقبله؟!
وكيف تنظر للجبال والأرض وثباتهما؟! وللشمس التي سُخّرت…؟
ثم، إذا أراد أحدهم الخروج من هذا الدين يصبح مرتداً يُعاقب بالقتل.
وهكذا، إلى أن يأتي دستور الدولة ويحدد أن دين الدولة: الإسلام!
وهي ممارسة سياسية للإسلام في كل مستوياته، فالسلطات العربية إذ تهاجم الإسلام السياسي تقوم بممارسته دستورياً على أكمل وجه.
لهذا.. إذا كان الخارج من هذا الدين يصبح مرتداً يُعاقب بالقتل، فإن الخروج عن المؤسسة الدينية في العالم العربي، وإعلان الكثيرين إلحادهم، يصبح لافتاً للجميع لأن المسألة ليست شخصية.
ختاماً.. الإسلاميون اليمنيون ذو عقلية اتهامية! فما أن تذكر خرافات عبدالمجيد الزنداني واستغفاله لعقول الناس، أو تقوم بانتقاد تاريخهم السياسي حتى يأتوا وينادونك: يا أبا هاشم! ويسألونك: وأين عبدالملك الحوثي؟
وكأنك راض على هذا المعتوه الآخر الذي أوصل وجماعته اليمن إلى خراب لا شفاء منه.