خارطة حروب الحوثي ومأساة السلام باليمن

 


خارطة الحروب والصراعات العبثية التي أشعلتها عصابة الحوثي الإرهابية الإيرانية خلال السنوات الماضية داخل اليمن ومع دول الجوار، أصبحت تثير الرعب فعلاً، وبات من الصعب حصرها، ولا نتكلم هنا عن حروبها العسكرية فقط، بل حروبها الدينية والاقتصادية والسياسية والاجتماعية، ومنها: الحرب ضد موظفي الدولة ومنتسبي الجيش والامن، والمدرسين والتجار والصيارفة والفنانين وخطباء وأئمة المساجد، والاعلاميين والمثقفين، وضد الطفولة باليمن… الخ.


وتواصل هذه العصابة التصعيد العسكري سواء بإطلاق الصواريخ الباليستية على الأراضي السعودية أو بتأجيج نيران أكثر من 20 حربًا بين أبناء اليمن، تزامنا مع شن حرب لاجتثاث جميع المكونات السياسية اليمنية وفي المقدمة المؤتمر الشعبي العام وحزب الإصلاح والحزب الاشتراكي اليمني والبعث وأحزاب التحالف الوطني والحراك الجنوبي وغيرهم..


كل هذه الحروب المشتعلة تؤكد استحالة عودة السلام إلى اليمن والمنطقة إلا بالقضاء على عصابة الحوثي الإرهابية التي لا تختلف عن داعش وطالبان والقاعدة، خصوصا وقد أظهرت تجربة السنوات الماضية أنها هي المعرقل الأول للحوار، والمتسببة في إفشال التسوية السياسية التي تجري برعاية الأمم المتحدة، وهي التي نسفت كل النتائج التي تم التوصل إليها في جولات الحوار السياسي في مسقط وجنيف 1، وجنيف 2، والكويت، وانقلبت عليها مثلما انقلبت على مخرجات مؤتمر الحوار الوطني، واتفاق السلم والشراكة الذي تم التوقيع عليه في سبتمبر 2014م برعاية المبعوث الدولي الأسبق، خلافا لإفشالهم للجهود العربية والدولية التي بذلت لإيجاد حل سلمي للأزمة عبر الحوار.


وأمام هذه الصورة الفظيعة لخارطة الحروب التي تكشف عن حقيقة الخطر الذي تواجهه اليمن ودول المنطقة، أكد قائد المقاومة الوطنية (حراس الجمهورية) العميد طارق صالح في كلمته أمام طلائع قوات المقاومة الذين انطلقوا لتحرير الساحل الغربي أواخر شهر أبريل قائلا: (لقد قررنا أن نخوض الحرب ليس من أجل توسيع مساحتها، وإنما لإنهاء الحروب والصراعات العبثة التي أشعلها الحوثي في البلاد وضد الأشقاء، مؤكداً أن عصابة الحوثي لا تمتلك قرار الحرب أو السلام، وإنما هم مجرد أدوات منفذة.. وأن القرار بيد إيران وحزب الله).


لم يأتِ هذا الموقف الوضح والشجاع من فراغ، بل جاء نتيجة فهم عميق لأسباب تمدد خارطة حروب عصابة الحوثي والتي يستحيل وقف استمرار اشتعالها إلا بالحسم عسكرياً، كون القرار ليس بأيديهم، وإنما بيد غيرهم، وما الحوثة إلا مجرد أدوات فقط، سيما وقد أجهضوا كل جهود إحلال السلام في اليمن وظلوا يتبعون هذا الأسلوب الماكر خلال الحروب السته 2004-2009م، وخلال مؤامرة 2011م وعند التهجير القسري لآلاف السلفيين من صعدة. وكشروا عن أنيابهم، بعد احتلالهم للعاصمة صنعاء مرتكبين بذلك أفظع جريمة بحق الشعب اليمني وثورته ونظامه الجمهوري.


وبسبب هذه الحوارات العبثية ذهبوا لإعلان الحرب على الرئيس هادي وحكومة بحاح، وواصلوا شن حروبهم على تعز وعدن والضالع وإب والبيضاء وبقية المحافظات، وفي ذات الوقت قاموا بمناورة عسكرية بالحدود مع السعودية في إصرار مبكر على تفجير حرب مع الأشقاء في المملكة.


هذه الحقائق هي بمثابة جرس إنذار للجميع من خطر الوقوع في فخ خديعة إيرانية جديدة، بعد أن بدأنا نسمع أصواتا تتغنى مجدداً بالحوار مع الحوثة، وهي لعبة قطرية معروفة وهدفها ليس إحلال السلام باليمن والمنطقة، وإنما مجرد استراحة لإعادة تموضع الحوثة عسكريا استعدادا لإشعال حرب شاملة لفرض الأجندة الإيرانية التركية على المنطقة.


المسألة واضحة أن ثمة مخططاً تامرياً يُراد تنفيذه، وإلا لاعتبر من يمارسون هذا الابتزاز من الجريمة الأبشع في تاريخ اليمن المعاصر التي ارتكبتها عصابة الحوثي الإرهابية بحق الزعيم علي عبدالله صالح رئيس الجمهورية السابق رئيس المؤتمر الشعبي العام وعارف الزوكا أمين عام المؤتمر والآلاف من قيادات المؤتمر، والذين فرضت عليهم مسؤوليتهم الوطنية والدينية التحرك لإنقاذ اليمن والمنطقة، بإعلان فض شراكة المؤتمر معهم، بعد أن فشلت كل الجهود التي بذلوها لوقف سياستهم العدوانية، فما كان من هذه العصابة إلا أن هاجموا منازل الزعيم وأقاربه وقيادات المؤتمر وأحزاب التحالف بمختلف الأسلحة وتم إعدامهم بطريقة وحشية وارتكاب جرائم حرب بحق الآلاف من أعضاء المؤتمر، في تأكيد واضح أن هذه العصابة الإرهابية لا تؤمن بالحوار على الإطلاق، ولن يجدي هذا الأسلوب معها نفعاً.


لذا ينبغي التأكيد أن مصلحة اليمن ودول المنطقة يجب أن تكون فوق المصالح الحزبية والشخصية، وطالما وهناك خطر محدق بالجميع، فلابد من القضاء عليه كأولوية في هذه المرحلة الحساسة من تاريخ المنطقة، واعتبار أي خروج أو انحراف عن هذا المسار وتحت أي مبرر، خروجاً عن الإجماع.


من الطبيعي أن تحدث تباينات في صفوف التحالف العربي أو مع بعض المكونات السياسية، لكن غير الطبيعي هو الاعتقاد بأن الحل سيكون بالحوار الانفرادي مع الحوثة سواء برعاية قطرية أو إيرانية أو تركية.. وحوار كهذا يعد بمثابة تقديم خدمة مجانية لتنفيذ الأجندة الإيرانية، إن لم يكن صفقة على حساب التحالف العربي، وستكون له عواقب كارثية على دول المنطقة..


إن الإرادة العربية والدولية بما في ذلك قرارات مجلس الأمن الدولي تؤمن أن عصابة الحوثي تمثل العدو الأول للسلام في اليمن والمنطقة، وما لم تلتزم بتنفيذ المرجعيات فإن الحوار معها يعد جريمة بحق الشعب اليمني وشعوب المنطقة.


 


 

Exit mobile version