أنا من قرية الفنان أيوب طارش
أيوب طارش منتشر في كل أرجاء اليمن مثله مثل الهواء والكل يستنشق ويتنفس اوكسجين أنغامه وألحانه.. الرجال والنساء الشباب والشيوخ الصبيان والصبايا والأطفال.
بالنسبة لي وأثناء تجوالي في الريف اليمني صار اسمه بمثابة جواز مرور لي.
كنت من قبل ارتبك حين يعترضني أحدهم ويسألني من أين أنا، وكنت أقف حائرا ولا أدري بماذا أجيب على أسئلة أهالي هذه القرية أو تلك.. من أين أنت؟
يسالك الطفل وتسألك الطفلة ويسألك الصبية والصبايا، المرأة والرجل وكل من تصادفه في طريقك يسألك من أين أنت؟
وعليك أن تجيب، والجواب قد يبدو سهلا لكنه صعب خصوصا في هذه الأيام، حيث الشكوك تنبت كالشوك..
لذلك صرت أجيب على سؤالهم بالقول:
أنا من قرية الفنان أيوب طارش.
وحينها تتبخر شكوك الكبار، أما بالنسبة للأطفال والصبيان فكنت ألمس الفرح في عيونهم والتعاطف في قسمات وجوههم.
لكن راعيات الغنم في قرية بردون حين قلت لهن بأني من قرية الفنان أيوب طارش عبسي لم يصدقن وقلن لي:
لو أنت من قرية أيوب غنّ لنا أغنية واحنا نصدقك.
قلت لهن: أنا مصور أعرف أصور وبس.
بعدها سمحن لي بتصوير أغنامهن وقلن لي:
بعد ما ترجع بلادك قل لأيوب طارش يغني:
يابنات الحدأ
**
هناك دول وبلدان تتمنى لو أن لديها شيئا ولو ضئيلا من التاريخ وليكن حتى خرابة لتنشئ من أجله وزارة سياحة وهيئة آثار.
ونحن في اليمن لدينا التاريخ كله والآثار كلها ولدينا كل هذه الكنوز وكل هذا الجمال.
لكننا مصابون بأبشع أنواع العمى وبأقبح أشكال الأمية.
وأبشع أنواع العمى هو أن ترى وتطمع بالنحاس في بيت جارك، ولا ترى كنز الذهب داخل بيتك.. أما أقبح أشكال الأميّة فهي أمية العين.
وهي أمية شائعة في أوساط النخب السياسية والحزبية والإعلامية والثقافية اليمنية، حيث الغالبية تعجز عن رؤية الجمال وإن هي رأته لا تلتفت إليه ولا تقدره ولا تعرف قيمته.