مقالات

تحالف المؤتمر والإصلاح؟!

 


لا شك أن “النظام الجمهوري” في اليمن، بات اليوم على حافة الزوال الذي لا بد منه في حال استمرت “الفلول” الجمهورية غارقة في الأحقاد والمشاحنات، وموغلة في التشظي والتفتت والتآكل والتلاشى أمام القوى الإمامية الموحدة المتماسكة.


 


المسألة مسألة وقت، والوقت متأخر، وإن كانت هناك فرصة أخيرة، لتدارك ما يمكن تداركه، وتغيير هذا الواقع، وبالتالي المستقبل المرتبط به، فهو مبادرة القوى الجمهورية، بالتلاحم فيما بينها، وإعادة بناء “الصف الجمهوري”.


 


هذه حاجة وجودية مصيرية حاسمة، وفى هذا السياق تصاعدت مؤخراً أصوات كثيرة، تدعو لـ”تحالف وطني يكون في أساسه حزبا المؤتمر والإصلاح”. وحسب بعضهم: “لن تقوم لليمن قائمة وحزبا المؤتمر والإصلاح متحاربان”.


 


مبدئياً، لا غبار على هذه الدعوة، وإن كانت تتضمن بعض نقاط الضعف:


 


أولاً: كونها تدور بشكل حصري، تقريباً، حول المؤتمر والإصلاح، كما لو كانت مجرد مبادرة جزئية للمصالحة بين هذين الحزبين الكبيرين.


 


ثانياً: أنها -كما يبدو- محاولة لاحتواء أجنحة جامحة من المؤتمر، المتفكك والمتشرذم بدوره، ضمن إطار الشرعية، ما يجعلها محاولة لإنقاذ الشرعية لا إنقاذ الصف الجمهوري.!


 


ثالثاً: أنها تراهن أكثر مما ينبغي على التحالف بين المؤتمر والإصلاح في وحدة الصف الجمهوري، وهذا أمر مشكوك به.


 


صحيح أن التناحر بين هذين الحزبين خاصةً من 2011، كانت نتائجه كارثية، على مختلف جوانب الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية اليمنية، وأهمها أنه مكَّن الحوثيين من الإطاحة بشكل النظام الجمهوري.


 


لكنهما كانا متحالفين من قبل، ولفترة طويلة شملت معظم عهد الرئيس صالح، ولم يكن ذلك التحالف القديم الطويل العميق إيجابياً، وأهم نتائجه الكارثية، أنه مكّن جماعة “الإخوان” من إفراغ مضمون النظام الجمهوري.


 


بمعنى أن تحالف هذين الحزبين مجدداً، لن يصلح بالضرورة ما أفسده التناحر بينهما، وفي كل حال تحالفهما اليوم، بعد كل ما حدث، وفي ظل التعقيدات الراهنة، أمر صعب للغاية.


 


تكمُن صعوبته في وجود إشكالات عويصة، وقضايا عالقة، بين الطرفين، منها على سبيل المثال، عدم استعداد الإخوان لتسليم الإرهابيين المتورطين في حادثة جامع النهدين.


 


حتى إذا أمكن بصعوبة إقناع المؤتمر بالتغاضي عن هذه النقطة، وعشرات النقاط المماثلة.. من يقنع الإصلاح بالتنازل عن بعض غنائمه الهائلة خلال الحرب، من أجل الشراكة التي يقتضيها التحالف الوطني؟!


 


أياً كان الأمر، فقد دخلا معاً، قبل أشهر قليلة ضمن “التحالف الوطني للقوى السياسية اليمنية”، برئاسة الدكتور “رشاد العليمي”، لكن هذا التحالف وُلد ميتاً، لأسباب عديدة منها:


 


– كونه مبادرة فوقية من “الشرعية”. لا مبادرة ذاتية من القوى الجمهورية نفسها.


 


– أنه مقصور على الأحزاب الداعمة لـ”الشرعية”، ولم يشمل القوى الجمهورية خارج إطار الشرعية.


 


بمعنى أنه تكتل فئوي لا وطني، ومن المعلوم أن الشرعية محكومة منذ سنوات من قبل تكتل سياسي محدد، وأن مظلتها أضيق من أن تغطي أو تمثل مختلف مكونات الصف الجمهوري.


 


خلاصة القول: “النظام الجمهوري” في اليمن، في طريقه لأن يصبح شيئاً من الماضي، ولا يمكن إنقاذه من هذا المصير الوشيك إلا بتحالف وطني حقيقي جاد، ومعبر عن عقيدة وإرادة القوى الجمهورية نفسها، ويضم مختلف فصائل وأطياف العمل الجمهوري، من ضمنها، بطبيعة الحال: حزبا المؤتمر والإصلاح “الإخوان”.


 


 


 

زر الذهاب إلى الأعلى