ماذا تبقى من اتفاق الرياض؟
انتهت المدة المحددة لتنفيذ مخرجات اتفاق الرياض ولا شيء جد على الأرض حتى اللحظة.
تتمسك الشرعية برجالها وضعفها وفسادها وينتشر الإخوان في جسدها كالسرطان، تتدهور العملة والخدمات..
المجلس الانتقالي يغطي الفراغ في عدن ويمسك بزمام الأمور ويتم تطبيع الحياة.
محافظة أبين، وهي الامتداد الطبيعي لعدن لكنها في وضع شتات مستمر وهو الحال في شبوة.
المعركة التي كانت في أبين وشبوة مستمرة بطرق مختلفة يدفع ثمنها المواطن.
محافظات موطن الثروة لا تزال تتكالب عليها كل مراكز التربص والقوى والنفوذ باسم الوحدة وباسم الوطن وباسم الدين.
وهناك يتم استدعاء كل مخزون القوة للنفس الأخير من دعاة الشرعية وبراميل النفط البشرية وتجار الحرب..
ليس هناك اشتباك حقيقي مع عتاولة وهوامير الفساد والدخول في صلب الموضوع بدون مقدمات أو رتوش، الخلاف في جوهره اقتصادي قد يمكن حسم الخلاف السياسي سريعا، إنما تعقيدات الثروة وحجم تشابكها وتشابك المصالح فيها ليس بالأمر الهين.
وما يقوم به رئيس الوزراء محاولات بسيطة لم نر لها أثرا على تعافي الاقتصاد.
الحقيقة التي لا بد من الاعتراف بها.. أن الاشتباكات السابقة التي خاضها الجنوب مع معسكرات إخوانية تدثرت بلباس الدولة حركت المياه الراكدة وأظهرت حجم الفساد والاختلال لكنها لم تصل لحلول حتى الآن.
ملفات كثيرة لا تزال في النسيان، منها ملف الجرحى وتصحيح الوضع العسكري والإداري للدولة.
اجتماع الرئيس الأخير بمستشاريه وقيادات الأحزاب كما تسربت بعض الأخبار أنه فشل وظهر حجم التباينات.
ينتظر الانتقالي توقف الهدر للثروة في شبوة بعد أن تم التلاعب بالأموال في مأرب وما لم يتم إيقاف العبث المستمر فإن الاتفاق حبر على ورق.
ويقف مجلس النواب متفرجاً على الجميع دون انعقاد جلسات ولا مراقبة.
تستفيد الجماعات الدينية جميعها، حوثيين واخوانا وقاعدة، من هذا الفراغ، فتتمدد فيه وتسجل حضورها وتصنع وقائع جديدة كأنه يصعب تبديلها.
حيث أصبحت دويلات لها كل المقومات والإمكانيات، وتحكم بطريقتها وتستغل الموارد لتثبيت أقدامها.
لم يتبق من اتفاق الرياض شيء يعول عليه سوى استبدال القوات الإماراتية بسعودية في عدن وكأن ذلك كان بيت القصيد لذهاب الشرعية للحوار وما دام قد تحقق فإن أي التزامات أخرى لن تتم، هذا ماصرح به بعض قيادات الشرعية صراحة أو ضمناً.
ولذا فإن انفجار الأوضاع والعودة للمربع الأول قد يكون في لحظة ولن يشكل مفاجآت في ظل هذه الرتابة والهدوء المتعمد.
بهذا الملف قد تستميت كتائب القاعدة والإخوان والقبيلة وكل المدد الذي سيسخره الهوامير للدفاع عن مخزن الثروة، لكن ستكون العملية عملية وقت ليس إلا.
ذهب الانتقالي إلى الحوار أيضا بصعوبة وتشكك وهو اليوم طرف تعترف به كل الدول الراعية، ولذا فإن أي خروج على الاتفاق من قبله قد يكون له ما يبرره.
يبدو الأمر كدوامة من الحوارات التي لن تفضي لشيء ملموس كما هو حال جريفيث مع الحوثيين واتفاق السويد الذي مضى عليه عام دون إنجاز شيء يذكر.
نحن في بلد كله جروح، ونحتاج لكل من يوقف عبث الفساد، ونحتاج لفتح كل الملفات وتحرير المناطق المحررة من إقطاعيي النفط والغاز.
كواحدة من أهم القضايا ليس موضوع شبوة في أنها تتبع الانتقالي أو لا تتبع، هي في النهاية ستذهب مع المزاج الجنوبي العام في حده الأعلى أو الأدنى.
إنما أهميتها أنها أحد المخازن الهامة لجماعات الفساد والدين.. وتجفيف هذا المنبع من الأهمية بمكان للوصول إلى صيغة تجعل من الثروة منفعة للشعب وليس للمتنفذين.
وكنا قد أشرنا، إلى أن الجنوبيين سيراكمون من خلال هذه الموجة والحوارات مجموعة من المكاسب في طليعتها اقتصادية وسياسية، وسيكونون الرقم الصعب لكل مجريات المرحلة القادمة، وسيحدون من تفرد شرعية الفوضى والفساد.
ولكن الأمر يبدو ليس سهلا.. وتبقى كل مجريات الأمور عسكرية وسياسية في ثبات تام قد ينذر بعواصف قادمة..