سقوط جبهات شمال الشمال: من يتحمل مسئولية هذه الهزائم؟!
الإخوان رزق الحوثيين، ومطيتهم منذ البدء. فهم الذين أوصلوهم سابقاً من صعدة إلى عدن، بطريقتهم الرديئة في إدارة الثورة والدولة، وهم الذين سيوصلونهم مجدداً -لا شاء الله- من صنعاء إلى عدن. بطريقتهم الأردأ في إدارة الشرعية والمقاومة.
المشكلة أن الإخوان لا يعرفون ما هي المشكلة، ولا السبب الحقيقي لتعرضهم للهزائم المتوالية، رغم امتلاكهم في كل مرة، أضعاف ما يمتلكه الحوثيون من الإمكانات المادية والإعلامية والسياسية والعسكرية، بقوى بشرية هي حالياً قرابة نصف مليون مقاتل!
مشكلتهم عقلية نفسية أخلاقية.. بطبيعة الحال، بدءاً من خيانة دماء أشخاص محسوبين عليهم، ويقاتلون معهم ومن أجلهم، ومؤمنين بهم أكثر من الله والوطن والثورة.. بتسييس مجازرهم الجماعية، وتبرئة الجناة، وإلقاء المسئولية على آخرين، حسب أولويات “قائمة خصوم الإخوان”.!
من نافلة القول إن الحوثيين تراجعوا منذ سنوات إلى مرتبة متأخرة، في هذه القائمة، بل تم إخراجهم مبكراً منها، باتفاق الإخوان معهم ليس فقط على الهدنة وتوقف الجبهات، بل التحالف والعمل المشترك ضد العدو والخطر المشترك الذي يهدد الطرفين، وهو: قوات طارق صالح والإمارات.
كان هذا واضحاً منذ سنتين على الأقل في توجهات الطرفين، الإخوان بالذات، وهو ما أكده مؤخراً القيادي الحوثي البارز محمد البخيتي، بتصريح رسمي، لا لبس فيه، ولا معقب عليه.
بموجب ذلك استخدم الإخوان كل إمكاناتهم وإمكانات الشرعية، الإعلامية والسياسية ضد دولة الإمارات، باعتبارها تعمل من أجل انفصال الجنوب، دون إيجاد تخريج معقول لتضحيات الإمارات وتواجدها العملي الفاعل في جبهات الساحل الغربي ومناطق شمال الشمال.!
فعل الإخوان ذلك بلا هوادة، ونجحوا بالفعل بالضغط على الإمارات بالتخلي عن مسئولية إدارة وحماية الجبهات التي تحررت تحت قياداتها، كجبهة نهم وغيرها من المناطق في شمال الشمال.
خلال الأيام القليلة الماضية فقط سقط كثيرٌ من هذه المناطق التي تسلمها الإخوان من الإمارات، في قبضة الحوثيين، سقطت بشكل متسارع، كما لو أن العملية مجرد تسليم وتسلم روتيني متفق عليه، وصولاً بمأرب والجوف بأكملها إلى حافة السقوط.
كان هذا المصير نفسه سيحدث للجبهة الغربية والضالع وأبين وحتى عدن، في حال خضعت قوات طارق صالح والمجلس الانتقالي.. للابتزاز باسم الشرعية، وسلموا مواقعهم وأسلحتهم للإخوان.
جبهة تعز، مؤهلة أكثر من غيرها لهذا المصير، وما لم يحدث تغيير إيجابي مهم، فهي على موعد قريب مع السقوط، في يد الحوثيين، وليس في يد طارق صالح الذي لا يريد الإخوان الاقتناع بأن قضيته مختلفة جذرياً عن قضية سالم وغزوان وحردون وغدر.. وبقية زعماء العصابات المستحوذة على المدينة.
مشكلة الإخوان أنهم “يحسبون كل صيحة عليهم”، وهذه العقلية الأيديولوجية الاستحواذية الإقصائية، تحول بينهم وبين التصالح مع الذات والعصر والآخرين، وعدم التعامل بواقعية سياسية، أو الشعور بالمسئولية، والبحث دائما عن مشجب للفشل. وذرائع كيدية لتبرير الهزائم والانكسارات.
ولذلك سيظلون يكررون الأخطاء، ويتجرعون المزيد من الهزائم في ظل إصرارهم العجيب على مصارعة طواحين الهواء، وتبديد إمكاناتهم وقواهم المسلحة الهائلة التي تقاتل بلا هدف في كل الجهات والجبهات أعداء افتراضيين تم تحديدهم مسبقاً وفق حسابات لا علاقة لها بالواقع الموضوعي للمعركة والحرب والقضية اليمنية.