ذهب مع الريح

 


هناك في الساحل الغربي باتجاه الحديدة تضع الجمهورية أقدامها في وجه طرش البحر..


وهناك يكتب المقاتلون تاريخاً جديداً لسبتمبر ونوراً يطل مع مد البحر وجزره يعيد للروح اليمانية وهجاً كاد أن يختفي بفعل الهزيمة النفسية والإحباط والعنف والدم.


إن عديد ملاحظات يمكن قراءتها لما يجري بمعركة الحديدة.


الأولى: أن المعركة في الحديدة تحولت إلى أم المعارك بعد أن أضحت محرقة للحوثيين وعنواناً لبناء الروح المعنوية وكتاباً لسفر سبتمبر ورمزاً للخلاص من براثن طغاة جهلة.


الثانية: أن تأمين خطوط التجارة وناقلات النفط يمثل الأمن القومي الخليجي الأول مثلما يمثل كسراً لأحلام طهران ووكلائها الذين كانوا يعتبرون باب المندب هو جوهر أحلامهم وجل أمانيهم وكل أمنياتهم.


الثالث: أن الحوثيين الذين يتم استنزافهم في الحديدة أصبحوا يشعرون أنهم أمام جيش ومقاتلين لديهم الخبرة والتصميم والإرادة وأن كسرها محال وهناك يخسر الحوثيون جل قادتهم وكتائبهم المدربة والنوعية.


الرابع: فجرت معركة الحديدة خلافات حامية بين قادة المليشيات الانقلابية وجعلت حجم الثقة والحركة والقدرة على الفعل تكاد تكون معدومة.


الخامس: أعادت للمجتمع روحه المعنوية التي كانت مثقلة بالهزيمة بسبب البطش أحياناً وتجارب محاربين فاشلين قادوا معارك خاسرة مع الحوثيين أحياناً أخرى.


السادس: أنها وجهت ضربة موجعة لاقتصاد الحوثيين الذين كانوا يسخرون الميناء والإيرادات من أجل تمويل حروبهم العبثية.


السابع: إعادة معركة الحديدة للجندي اليمني الذي كان ضمن  ألوية الجيش بالسابق الأمل وبعثت فيه الحماس لذلك كانت الهبة من قبل الجنود من جميع القرى والمدن والأرياف للالتحاق بزملائهم في المقاومة الوطنية والعمالقة.


الثامن: كشفت معركة الحديدة الزيف عن كثير من الأقنعة التي كانت تزايد بحملها راية الدفاع عن الجمهورية واليمن وإعادة الشرعية بعد أن تقاعست واسترخت بل وانتظرت التمنيات بسماع الفشل.


التاسع : تمثل معركة الحديدة أهمية بالغة في كونها ستمنع إمدادات الحوثيين بالسلاح وتعزلها عن طهران التي كانت في الضفة الأخرى على الجزر الإريترية وفي الصومال حيث التحالف  الإيراني القطري التركي والذي يدار من القاعدة العسكرية التركية في مقديشو.


العاشر: ستمنع تدفق الإرهابيين وتفشل المخطط الذي كان مرسوماً لإغراق باب المندب والساحل اليمني إلى أفريقيا بالفوضى لتكون ساحة للحرب، وتعطيله ليكون البديل مضيق هرمز وتتحقق عندها أحلام طهران وحليفاتها.


في رواية “ذهب مع الريح ” تصور الكاتبة الأمريكية مارغريت ميتشل، الحرب الأهلية في الولايات المتحدة الأمريكية بين الشمال والجنوب، بالريح العاتية التي دمّرت وأخذت معها كل شيء، ودعت فيها إلى ضرورة التحلي بالقوة، والثبات، والعزيمة، ومعرفة العدو في ساحة القتال، وإلاّ فإن الجوع، والمرض، وويلات الفقر هي النتيجة الخاسرة ما لم تعرف كيف تواجه عدوك.


وماهو مطلوب اليوم هو أن نعرف كيف نواجه إيران العدو الواضح للمنطقة وكيف نحيل تصديرها للموت باسم الثورة إلى ثورة مضادة لهزيمة خرافاتها وفكرها الضال وروحها الانتقامية.


هذه الروح التي تريد إحالة الخريطة من الصومال إلى اليمن والخليج مساحة للفوضى والاقتتال وتصدير الموت وتجارة السلاح والمخدرات والإرهاب وتعريض الأمن والسلم العربي والعالمي للمخاطر.


افتحوا عيونكم على القاعدة التركية في مقديشو وسترون ورشة عمل لا تتوقف من أجل هذا المشروع المدمر الذي يلتقي فيه المال القطري بالحقد الإيراني والمطامع التركية.


لذلك لن تروقهم معركة الحديدة وسيهرع دعاة السلام والوثنية والإسلام السياسي إلى ميكروفونات الخطابة لافتعال أزمات في عدن والجنوب عموماً واختلاق معارك جانبية كما حدث في سقطرى لكنها سرعان ما تتبخر  وتتلاشى مع غروب الشمس.


واليوم يراد لعدن والجنوب وتعز أن تتحول إلى بؤرة للصراعات المسلحة تحت يافطات مناطقية وجهوية وشعارات إسلاموية..


ويراد لجبهة الحديدة الفشل لأنها تكشفهم ولذلك أوقفوا المواجهات في كل الجبهات ويمنحون الحوثيين حرية نقل ألويتهم ومقاتليهم إلى الحديدة، لكن ما ينقش في جبين تهامة اليوم عصي عليهم الوقوف أمام رياحه العاتية..


  ذلك أن “الزِّبد يذهب جفاء وأما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض”.


 



على ابواب الحديدة


 


 

Exit mobile version