تاريخ حزب الإصلاح وجماعة الإخوان هو تاريخ الروايات الكاذبة تاريخياً بامتياز منذ نشأتها إلى اليوم.
ولعل باحثاً بحجم الدكتور رفعت السعيد قد توصل باكراً وبعد نبش طويل في تاريخ الجماعة، إلى حقائق مفزعة دونها في كتاباته وعبر عنها بكلمة بالغة الدلالة مكثفة المعنى حينما قال: (الإخوان يكذبون كما يتنفسون).
ومن نافلة القول إن روايات مطبخ اليدومي ومحس وقادة الإخوان وتجار الحروب تأتي في هذا السياق من الهشاشة وضعف السند والمتن معاً.
وهي في الأساس تأتي للتعويض عن فشل في الميدان وفشل في إدارة المناطق المحررة.
ومع كثافة القنوات والمواقع التي يملكونها بدعم تركي وقطري لا محدود، يبدو الأمر وكأننا في مهرجان حاشد للكذب والتهريج وبث الإشاعات عن الخصوم، وروايات عن انتصارات ومعارك ليس لها ظل على الأرض.
إن هذه الروايات والاشاعات تحتاج أن يخصص لها أسفار من الدراسة والتمحيص، تستعين بعلم النفس وعلم الاجتماع وفلسفة الأديان لفهم سيكولوجية الجماعة وطرق التربية والتكوين.
ما جدوى افتعال ضجيج إعلامي لجبهات أصبحت تستنزف اليمنيين دون مقابل؟ وتستجلب الدعم اللا محدود دون شروط من التحالف؟ وهل سيصلح الإعلام ما افسدوه؟ وهل ستجدي النصوص المدبجة بتغيير فصوص الواقع المشاهدة؟
أكثر من تصريح بمعركة قطع الوريد في تعز وتحرير تبة عصيد نهم، تثبت قطعاً أنها محض افتراء وروايات كاذبة.. وتمر مرور الكرام دونما محاسبة..
هرم الناس وكانوا يرضعون عند ما قال اليدومي “قادمون يا صنعاء”.
ما هي المعارك التي أنجزها الإصلاح في أي بقعة من الأرض اليمنية؟ ومتى قاد المقدشي ومحسن حرباً فانتصرت؟ لا توجد سابقة تشهد بذلك على طول جغرافية الحرب، كانوا يهتمون بالتصوير واصطناع المشاهد التمثيلية في كل منطقة تحرر من قبل أبنائها أو من أفراد في المقاومة ويسارعون إليها هرولة لعمل التقارير الإعلامية المصورة ليس إلا.
ولذلك فإن التجريب بالمجرب جريمة إضافية وهزيمة جديدة تضاف ضمناً لرصيد الحوثي الذي يجيد فن اقتناص الفرص ويسبك تفاهمات تحت الطاولة مع الإصلاح بتسهيل قطري خارجي أو قبلي محلي. ولم يعد ذلك بجديد أو غريب في حرب تدور في دائرة مفرغة ولا تذهب إلى خط مستقيم يصل إلى نتائج ملموسة. أن تتشبث قيادات الإخوان في السيطرة على مفاصل الجيش ويستميت محسن والمقدشي في جر الرئيس إلى تعزيزهم بقرارات التعيين، دون إفساح المجال لآخرين يقدرون على تغيير الوقائع وإزاحة مليشيات الحوثي كما حصل في الجنوب والساحل الغربي وتبقى المعركة مؤجلة لأمد بعيد، وتمطرنا وسائل إعلامهم بحجم التقدمات والتضحيات ليل نهار.
يدير محسن المعركة بالتليفون، ويبعث بالتهاني والتعازي بوتيرة مطردة، ويظهر الثعلبان اليدومي لينادي بوحدة الصف الذي يقطعون أوصاله بكل الطرق، ويستنشق اليمنيون الحرب والجوع والفقر، ويتجرعون هذه الروايات السمجة دون حول لهم ولا قوة سوى الأماني وتجدد الأمل علّ شيئاً يستجد، لكنه لا يكون سوى السراب الخادع.
وتثبت الأيام أن لهؤلاء مصلحة لبقاء الحرب بهذا الوضع فهي مصدر فساد وبقاء لهم على جغرافيات صغيرة كمارب وتعز التي يقبضون عليها بالحديد والنار ويتيحون للحوثي البقاء وتحقيق مكاسب إضافية ويتعذرون بمختلف الذرائع عن أسباب هذا الإخفاق الذي لا يفسر غير بالتنسيق بين مليشياتهم ومليشيات الحوثي.
إن المسؤولية في عنق الرئيس أولاً، ويجب تعليق الجرس في رقبة القط، وهو من يتحمل بصمته وقراراته ما أفضى إليه واقع المعركة وسكوت التحالف يوقعه بمزيد من السخط الشعبي المتنامي كل يوم..
هل بات الرئيس عاجزاً إلى هذه الدرجة؟ وهل عدمت الحلول والخيارات الأخرى؟ وهل ضاق اليمن عن تقديم قوى جديدة وإعادة ترتيب ورقة الجيش باعتباره هو الوسيلة الوحيدة للتفاهم مع مليشيات لا تؤمن بغير الخيار العسكري؟
إن مخزون القادة والأفراد المقاتلين لم ينضب بعد، وهناك من هو مستعد لتقديم حلول أخرى إذا وقف هذا السد المنيع أمامه من التقدم لعمل شيء ما يليق بشعب كاليمن.
إن خمس سنوات كفيلة بإحداث مراجعات كلية للوضع العسكري وفشله وإعادة التقييم والتغيير كخطوة باتت هي مربط الفرس في المأزق الحالي وتكرار المكرر وتحرير المحرر، ومتى كان ذاك لا شك أنه سيكون خطوة في طريق حلحلة الأوضاع.
لم نعد قادرين على تصديق روايات اليدومي ومحسن ولا شعاراتهما.. يكفي ما قد سلف منها، فقد أرهقونا كذباً وزوراً، وأصبحوا هم المشكلة وليس جزءاً من الحل.