يمكن تخيُّل آخر أفراد فصيلة “وحيد القرن” في العالم، وهي تتدافع وتتصارع وتتناطح، وتتناحر.. وتحاول إبادة بعضها على حافة الانقراض.!
هذا بالضبط ما يحدث في اليمن لكائنات الفصيلة الجمهورية. بينما النظام الجمهوري على وشك السقوط بشكل كامل ونهائي لصالح الإمامة العائدة.
الفرق الوحيد أن الكائنات الجمهورية تعرف أن القوى الإمامية، تراهن على تشرذمها وتناحرها في الإطاحة بما تبقى من كل شيء حر ومدني وجمهوري على امتداد اليمن.
ومع ذلك تصر هذه الكائنات والكيانات على إضعاف وعزل بعضها، وتحرص على استمرار هذا التناحر بينها كما لو أنه كان يصب في صالحها منذ 2011 على الأقل!
لقد خسر الجميع.. خسروا كل شيء تقريباً، وتشرّدوا في المنافي، ورغم ذلك يحرّض الإخوان المشردون في تركيا وقطر، على المؤتمريين المشردين في مصر والسعودية والإمارات!
يقوم المؤتمريون بالمثل، ومن هنا وهناك تتصاعد دعوات وأدعية لـ”وحدة الصف الجمهوري”.. هي بدورها فخاخ ومكائد على شكل مواعظ بريئة ناصحة.
الأصل وحدة القضية والمصير.. في ظل كيان يستوعب ويمثّل الجميع. أما “وحدة الصف” فهي إما أن تتحقق عفوياً في ظل شراكة حقيقية، أو تصبح مجرد شعار انتهازي ترفعه الفئة الباغية للقفز على احتجاجات المتضررين.
“الشرعية” منذ البدء قائمة على استئثار فئوي لشِلل ولوبيات معينة، أبرزها “جماعة الإصلاح”، وعلى افتراض أن هذا الحزب ينتمي إلى العائلة الجمهورية، فقد استحوذ على البيت الجمهوري، تاركاً بقية أفراد العائلة كالأيتام على مائدة اللئام.!
بالنسبة لهذه الشرعية، بات تمدُّد الحوثي في الجوف أهون من تمدُّد الحراك في الجنوب، وسقوط مناطق تابعة لها في يد أبو على الحاكم، أخطر من سقوط مناطق تابعة للحوثيين في يد طارق عفاش.!
لا أزكّي هذه الأطراف الأخرى، لكن المشكلة تبدأ من هنا، من “الشرعية” نفسها، وبإصرارها على كيانها وأدائها الراهن فإن مصير الجمهورية والقضية اليمنية لن يختلف كثيراً عن مصير فصيلة وحيد القرن السومطري.
القضية وجودية مصيرية حاسمة.. لكن القوى اليمنية المعنية تتعامل معها، للأسف، بشكل آني أناني غبيّ.. لتحقيق أقصى ما يمكنها تحقيقه على حساب بعضها أثناء سقوطها جميعاً في الهاوية.