شاهد في قضية “الفجر المسروق” في مأرب

 


 


نزح “إبراهيم”، في وقت مبكر قبل ديسمبر 2017، بأطفاله وأمهم إلى مأرب؛ عندما ضاقت بهم الأحوال في صنعاء وضيق عليه غريم ساقط في الحارة صار مشرفاً حوثياً لخبرته الوسخة في الأذية، زائداً أن إبراهيم يروي أنه يستطيع أن يتذكر جيداً وهو في بطن أمه ويمقت الإماميين.


 


إبراهيم، مؤتمري كثيراً (وعفاشي أكثر)، عاش بدون وظيفة، وكان زميلي في فريق المنتصف ثم وكالة خبر حتى انصرفنا سوية أواخر 2016، وفي بدايات 2017 انصرفت أنا إلى عدن في المرة الأولى وانصرف هو إلى مأرب، كان يعمل معنا مسؤول علاقات وخبرته سابقة في العلاقات والإعلانات والجو الإعلامي والصحافة الورقية.


 


وقد حاول في 2015 اللجوء إلى دولة أجنبية عبر الصومال وبواسطة منظمة الهجرة، وأتذكر كيف أننا بالكاد استعدناه وتدبرنا عودته من بورتلاند بعد أشهر من المعاناة والمرض والخيبة المريرة بينما أطفاله وأسرته بصنعاء يقاسون الفقد والفرقة والفاقة.


 


في مأرب التحق جندياً في أحد الألوية ووزع على التوجيه المعنوي بحكم خبرته وخلفيته، لكن هذا لم يستمر طويلاً عندما بدأ التضييق هنا أيضاً بجريرة خلفيته العفاشية أولاً والمؤتمرية.


 


دفع به ميدانياً إلى نهم في موقع جبلي وبقي أشهراً قبل أن يتعرض لإصابة في اشتباك وعاد لتلقي العلاج بمأرب وتأثرت قدرته البصرية بالإصابة، لكنهم أوقفوا راتبه البسيط مراراً بتهمة الفرار من الجبهة وعصيان الأمر العسكري!! ولم تجدِ التقارير والتحليلات والتوصيات الطبية معهم.


 


صادف أن المسؤول عليه وهو ضابط من نفس قريته يناصبه الخصومة بفجور، للخلفيات نفسها.


واطلعت على حالات أخرى ومشابهة أو مقاربة لها ومعاناة عسكريين ونازحين فروا إلى مأرب وباتوا يبحثون عن سبيل للفرار منها.


 


تراكمت الإيجارات عليه لصاحب البيت الصغيرة بمأرب، بينما يتدبر قوت أطفاله وأسرته بمشقة لتتراكم الديون أيضاً.


وكلما أفلح في الاستعانة بوساطة كبيرة لإطلاق راتبه عادوا وأوقفوه.


 


خلال ذلك تفاقمت المضاعفات بحالة زوجته المرضية والتي تعاني مشكلة في القلب.


 


قصد عدن لأسابيع بمذكرة لاستخلاص مساعدة وتذاكر سفر لعلاج زوجته، وأنفق مبلغاً كبيراً استدانه على الإقامة والمصاريف في عدن، ولم يفلح في الوصول إلى نتيجة للحصول على مساعدة حكومية، ليعود خائباً ومثقلاً بهَمّ على هَم إلى مأرب حيث أُنذر بالإسقاط نهائياً من كشف الراتب ما لم يباشر الاستمرارية من الجبهة في نهم.


 


في تلك الفترة أواخر 2018 كنت أكتب وأنشر هنا وأخباراً أيضاً عن مضايقات وتعسفات تُمارس ضد جنود وعسكريين في الجبهات ومأرب من دون أن أذكر أسماء كما تحريت المباعدة في الإشارة إلى حالته بعينها حتى لا يطاله أذى.


ولم يكن أحد يود الاستماع أو التوقف والتعامل مع الوقائع والنشر بحقه.


 


بدلاً من ذلك اتُهمنا باستهداف الجبهة وشق الصف والتشكيك بحماة وأبطال الشرعية وغيرها من المقولات..


 


كتب وعلق زملاء إصلاحيون أكثر من مرة: عادكم من أمس وتزايدوا على آباء ومؤسسي الجيش الوطني والتحرير!


 


في مطلع 2019 تعرض إبراهيم لاعتداء جسدي وحشي من قبل شخصين اعترضا طريقه وتشاركا في ضربه حتى تعبا وتركاه مرمياً في الطريق بإصابات متفرقة وجروح عميقة ونازفة.


 


وتحاشيت يومها أن أكتب وأنشر نزولاً عند طلبه حتى لا يتعرض للنقمة والأذية بما هو أسوأ وأخطر هذه المرة.


 


هناك بقية طويلة وتفاصيل أوجع وأفجع، لكن الإطالة ليست غرضي.


 


في النتيجة -وبما أننا نتقاسم يقين الشك بجدوى التعويل على خيارات بديلة تبدو في المتناول ولكنها سيئة المزاج حيالنا (…)، لم يكن أمامه إلا هذا؛ استطاع صديقنا، المتعب والمتجلد كيمني ينسى أو يرفض أن يسقط أو يموت هرباً من التعب ومن المسئولية، أن يجد طريقة لإعادة أطفاله وأمهم المتعبة إلى قريتهم في إحدى المحافظات.


 


وقرر هو أن يأخذ طريقه إلى المجهول كخيار وحيد أمامه..


واستأنف حلمه القديم بالوصول إلى بلد غربي بطريقة ما..


ومضى في ذلك..


 


من وقت طويل نسبياً انقطع بيننا الاتصال بعد آخر تواصل له من مكان ما على الأرض وبعيداً جداً عن اليمن، وكان لا يزال في الطريق إلى مجهول أرجو الله أن يكتب له فيه السلامة والتوفيق..


 


إبراهيم واحد من مئات وآلاف اليمنيين لا أحد يعرف عن معاناتهم وقصصهم ونزفهم في مجاهيل ومخفيات سلوك وتنمر وفساد مافيا لعينة، سبقت الوعد والفجر إلى مأرب، ووضعت يدها من اللحظات الأولى على كل شيء، واستقطبت لثقبها الأسود كل جهد وتمويل وأموال.. ليبدأ معها فصل جديد/ قديم في سيرة اليمن الجمهوري المغدور وسيناريو “الغزو من الداخل” ومع الأستاذ نستهل الندب:


فظيع جهل ما يجري .. وأفظع منه أن تدري


 


 

Exit mobile version