رحل وفِي ذمته حكماً مخلاً بالشرف، وثلاثون عاماً فساد، ومع ذلك أقيمت له مراسيم جنازة رسمية، بعلم ونشيد وجثمان محمول على عربة مدفع.
حسناً أيها الرؤساء إن قررتم الرحيل سنمنحكم ما تشاؤون، حتى الدموع الكاذبة ومكياج الحزن الكذوب، سننسى بوليسية حكمكم، هراوات قمعكم، سجونكم السرية، الديون التى طوقتم بها عنق مستقبل الأجيال، الفساد والنهب الحارق، وشراء الديون، توريث الأحفاد والأنجال، وصناعة الفقر بمخمخة وتلذذ سادي ومزاج، سنغفر لكم كل ذلك، نحن شعب كتوم المشاعر منافق الدمع ،نذكر محاسن موتانا، حتى وإن كنّا نحن القتلى والرئيس المسجى القاتل، والأرض التي سيوارى بها هي القتيل.
سنفعل كل هذا في حال رحلتم عن قلوب الناس، واختارتكم، على غير رغبة منها وبلا احتفاء بكم السماء، فقط غادرونا، أخرجوا من كوابيسنا، ومن أضغاث أحلامنا، من جراحنا المملحة بملح القهر، وأسيد الفواجع وكل هذه الغصص، غادرونا ونحن لن نلعن ماضي حكمكم، سنفتش بين أكوام مصائبكم، بين جبال قش الفساد والدم، والأحكام الجائرة، عن إبرة استقامة ونظافة يد وعدم خطيئة.
سنمنحكم عربة مدفع، وعلم ونشيد ومدفن رئاسي فاخر فاره فخيم، فقط ارحلوا عن جرحنا المفتوح وأنتم بالحكم، عن ذاكرتنا وأنتم موتى، تلاحقنا سنوات حكمكم العوج اليابسات الضامرات العجاف.
أخذتم أجمل سنوات أعمارنا وأنتم حكام، فخذوا ما بقي منها، وأنتم جثامين جنازة.