لا شيء يؤرق مليشيات الحوثي، الذراع الإيرانية في اليمن، ويثير رعبهم وغيضهم وحنقهم وجنونهم مثل ذكر اسم الشهيد علي عبدالله صالح حتى وهو ميت..
مليشيات الحوثي لا تكره شخصاً من رجالات الدولة الذين حكموا اليمن أو شاركوا في حكمه مثل ما تكره صالح، لأنه دوناً عن غيره كان الضد والمواجه الحقيقي لهم في كل شيء.
يكرهون صالح، لأنه جاء إلى الرئاسة من أفقر شرائح المجتمع، وهي شريحة الفلاحين، لكنها أنقى الشرائح الاجتماعية، كما وصفها البردوني متحدثاً عن صالح، ولذلك كان توليه الرئاسة وهو الفلاح ابن الفلاح بمثابة تجسيد حقيقي لأهداف الثورة السبتمبرية التي نصت على المساواة وإزالة الفوارق بين الطبقات التي رسخها نظام الإمامة، وتسعى مليشيات الحوثي لإعادة ترسيخها مرة أخرى بادعاء حقها في الحكم خلافاً لكل مبادئ الشرائع السماوية والوضعية ومبادئ حقوق الإنسان وأهداف الثورة اليمنية وطبيعة النظام الجمهوري.
يكرهون صالح، لأنه الرئيس الذي جاء إلى سدة الرئاسة من محيطهم المذهبي الذي يصرون على أحقية من ينتمي إليه في الحكم، لكنه حين جلس على كرسي الحكم لم يكن محملاً بأية عقد مذهبية أو عنصرية بل حرص على أن يكون أنموذجا للتعايش بين اليمنيين وكان يكرر مقولته الشهيرة “نحن مع إسلام بلا مذهبية”.
يحقدون على صالح لأنه الرئيس الذي كان يدرك مخاطر السياسة الإيرانية التوسعية وسعيها للسيطرة والنفوذ على المنطقة العربية، ولذلك وقف إلى جانب العراق الشقيق داعماً بالجيش والرجال في حرب العرب لمواجهة إيران في ثمانينيات القرن الماضي، وهذا الموقف كان ولا يزال أحد أهم أسباب كره وحقد المليشيات الحوثية ومن خلفهم إيران على صالح.. والجميع يتذكر ما قاله مؤسس المليشيات الصريع حسين الحوثي حول موضوع مشاركة الجيش اليمني مع الجيش العراقي في الحرب ضد إيران، وكيف يجب أن يعاقبوا على فعلتهم تلك.
يحقدون على صالح لأنه الرئيس الذي واجه تمردهم على الدولة بالدستور والقانون وأدواته، وخاض ضد تمردهم ست حروب وقتل مؤسس مليشياتهم العميل الإيراني الأول حسين الحوثي، ولم يتردد للحظة في مواجهة مخططاتهم وخروجهم على الدولة ونظامها كما فعل اللاحقون له.
يحقدون على صالح لأنه دوناً عن غيره رفض مغادرة اليمن وعاصمتها صنعاء وتركها لهم كما فعل الآخرون وأصر على البقاء فيها متمسكاً بوفائه للثورة والجمهورية، وواجه تعنتهم وغطرستهم وجبروتهم ضده وسط العاصمة ولم يهرب أو يفر كما فعل الآخرون، بل صمد وقاوم وقاتل وسقط شهيداً مدافعاً عن منزله وجمهوريته ومبادئه كما يفعل العظماء والكبار.
يكرهون صالح ويحقدون عليه، لأنه الوحيد من بين حكام اليمن الذي استطاع أن يقدم تجربة فريدة في حكم البلاد وتوحيدها في دولة واحدة امتدت من حضرموت إلى صعدة ومن سقطرى إلى ميدي وهي مرحلة قل أن تتكرر في تاريخ اليمن.
يكرهون صالح لأنهم يعجزون أن يقدموا أي نموذج أو تجربة أو أسلوب يضاهي أسلوبه وطريقته ونموذجه في الحكم، فقد كان رئيسا شرعيا منتخبا، وهم مجموعة انقلابيين، وكان قائدا محنكا وهم ثلة لصوص، وكان رجل دولة وهم مجاميع مليشيات.
كراهية وحقد الحوثيين لصالح باتت مرضاً نفسياً تعيشه قيادات المليشيات وتحاول كل يوم التعبير عنه بأكاذيب ومزاعم ينسجونها كل يوم سواءً في دوراتهم المذهبية أو في وسائل إعلامهم، وكلها تعج بالافتراءات والأباطيل التي بات يعرف الجميع أنها ليست سوى تضليل تمارسه المليشيات بحق رئيس سابق كان الأحنك والأحكم والأشجع والأقوى والأقدر ممن حكموا اليمن.
وإذا كان ثمة من شيء يمكن التأكيد عليه أمام كل هذا الحقد والكراهية التي تكنها مليشيات الحوثي لصالح وأسرته فهو أن أكاذيبهم ومزاعمهم ستذهب أدراج الرياح وسيبقى حب الناس لصالح في قلوبهم وفي أفئدتهم وفي سجلات يومياتهم وذكريات حياتهم التي عاشوها في عهدها معززين مكرمين لهم دولة ولديهم حياة، كما سيبقى صالح اسماً محفوراً في سجلات تاريخ اليمن باعتباره الرئيس الذي استطاع توحيد اليمن وهو ما عجز عنه سابقوه ولن يستطيع لاحقوه أن يكرروا منجزه على الأقل في المدى المنظور.