“لا أحد يأتي.. لا شيء يحدث” (صامويل بيكيت)
لم يكُن الاحتفال المزعوم بعيد المرأة سوى زينة ثقافية. بعد أن أصبح هذا العيد مجرد تذكير عابر بمأساوية الحالة التي تعيشها النساء في بلادي. وخلال الـ 72 ساعة القادمة ستهطل سحب الإعلام الرسمي المأفون بمئات العبارات الغزيرة بالدجل والتزييف، وسيتبعه إعلام المجلس الانتقالي وهو يتثاءب بطرح مماثل وحتى إشعار آخر..
سيظل تقييم المجتمع للمرأة تعبيراً محضاً عن ماهية النظرة الدونية الأكثر قساوة ووحشية في التاريخ الإنساني ..فهي مجرد كائن خلق ليستقبل البصقات فحسب، باعتبارها مصدراً للشر والنقص في العقل والدين.
وتقتصر مهمتها، بحسب ترويج الكهنة، على إنتاج الأطفال الذين يسيرون خلفها كالكتاكيت المصبوغة.
وستظل المرأة في نفس مربع التدجين كخنفساء مقلوبة، وتحل عليها لعنة السماء فيما لو فكرت مجرد تفكير في الانتقال إلى مربع آخر ينشط فيه الأوكسجين وتتمرد فيه المصطلحات.
لكي تحظى المرأة بحظوظ وفيرة لدخول جنة الفردوس في الآخرة عليها أن ترهن حاضرها ومستقبلها لوصايا ومشانق ماضوية موغلة في القدم..
هكذا يرتبط الجهل بالانتهازية بالتعسف والانحطاط فيما تعيش النساء حالة إنكار ناجمة عن صدمة عصبية حادة؛ نتيجة رهاب التغيير وانفصام روحي بين مجتمع غبي يحشو عقلها بالترهات ونواميس دينية تعتبر جسدها هو معيار للعهر والطهر مسنودة بالتفاسير الفكاهية للنصوص المقدسة.
في 8 مارس القادم، في مدينة اسمها عدن، ستعزف موسيقى خجولة ومضحكة.. فيما تتكدس عشرات الأجساد المغطاة بالسواد في جزء من قاعة بائسة شبيهة بمعتقلات قبائل الهوتو والتوتسي. ستقال كلمات رنانة عن المرأة، وحقوقها، وتحريرها، وأن المجتمع معطل ومشلول ومعاق لأن نصفه يفتقر للحرية والانطلاق، بينما في صحراء أرواحنا يردد ميكرفون كبير: “المرة مالها إلا بيتها ونا خوك”!