يتجول المبعوث الأممي لليمن مارتن غريفيث داخل مدينة مأرب بأريحية تامة، ويشغل القادة هناك بأمور تفاوضية تصرفهم عن الإعداد للمعركة.
قال وزير الأوقاف أحمد عطية إنه طلب من غريفيث بعد الغداء، أن يدعو الحوثيين للانسحاب من الحزم ونهم لتعزيز إجراءات ما يسميه “خفض التصعيد”، فأجابه المبعوث: لا لا. وتهرّب من النقاش.
نحن لا نقرأ التاريخ ولا نأخذ دروسه على محمل الجد، بل لا نأخذ الدروس التي عاصرناها ولم يمض عليها سوى سنوات بأصابع اليد. أيام كان جمال بنعمر يعبّد الطريق للميليشيا ويرفع من أمامهم الأشواك، ويوم صارت الميلشيا شمال شرق العاصمة احتجز بنعمر قادة الأحزاب طوال نهار ال٢١ من سبتمبر، وأجبرهم على توقيع اتفاق السلم والشراكة، ولم يعلم بعضهم الى ساعتها، أن الحوثيين اقتحموا العاصمة.
في الحديدة كان غريفيث حجر عثرة أمام تحرير المدينة وتواطأت معه قيادة الشرعية لإبرام اتفاق يصب بمجمله في تمكين الحوثي من الحديدة وذهاب آلاف التضحيات سدى.
الفارق بين غريفيث وبنعمر أننا كنا نظن شغل بنعمر توجّهاً أممياً، وصرنا اليوم نظن تصرفات غريفيث توجهاً بريطانياً، ولكن فترة إسماعيل ولد الشيخ أحمد أثبتت أن شخصية المبعوث تلعب دورا رئيسيا، وأن بنعمر وغريفيث ليسوا سوى تجار حرب مرتشين وجدوا الطريق سالكة لمنصب أممي رفيع.
فقط جرّبوا أن تقولوا للمبعوث لا، وسترون النتيجة.. لا تنقادوا بعده كالنعاج فشرعيته متوقفة على رضاكم، ولقد كادت حملة صادقة اطلقها ناشطون قبل عام، أن تهيل على فترته التراب.
…
مجددا: المشكلة فينا نحن، وفي قيادتنا الرشيدة.. ليس ثمة مؤامرة ولا مخطط دولي ولا هم يحزنون.