الجحيم
شعب يتابع أخبار فيروس كورونا كأنه يتابع فيلم، يعلق على الأحداث كأن لديه نظام صحي مثالي ودولة تهتم به، ولديه من السيولة المادية ما يجعل مشكلته فقط في كيفية شراء ما يحتاجه، والجلوس بملل ليقيس حرارته من وقت لآخر.
لامبالاة أم نقص وعي، أم تبلد أصاب شعباً بأكمله..! شعب محاصر بالموت منذ سنوات ماذا لديه ليخسره وهو ينظر لمن في المقابر نظرة حسد.
شعب عاش الموت حوله أشكالاً وألواناً، كان أهونه رؤية أشلاء لشخص ما كان هنا ثم انتهت معاناته بالموت.
رأى قاتل الأمس مقتولاً اليوم، وما فرقته الجماعات والأحزاب ساوى بين أفرادها باطن الأرض، ومع كل جثة توارى التراب رأى أحلام صاحبها تسجد عند شاهد القبر تصلي صلاة وداع، ودموع بعده لا تكاد تقف حتى تعود على فقيد آخر.
شعب في معظمه لم يعد يتذكر سبب الحرب لانشغاله ولهاثه وراء ما يسد رمقه ويحفظ إنسانيته، لم يعد يلعن الصواريخ ولا القذائف كما يلعن انقطاع الرواتب وارتفاع أسعار الخدمات وفقد إحساسه بدخان المعارك وهو يتنقل من أزمة لأخرى وبعد أن كان يخشى القصف العشوائي أصبح يخشى أن يوجد في منطقة تراه عدواً لمجرد أنه لا ينتمي لها.
القسوة تولِّد في نفس المرء تبلداً يحاول أن يداريه بالسخرية والإكثار من قول لا نبالي، أو لعله يعلم سوء من بيده مقاليد البلاد ويعلم أن هذه الحرب لن تنتهي إلا عند من أكملوا رحلتهم بهذه الحياة، وأن يوماً ما دائرة الموت ستضيق عليه لتخنقه أن لم يكن بكورونا سيكون كمداً من حاضر لا مستقبل له.