مقالات

ثقافة الإرهاب

 


مهديين في حاضرنا معاقين في مستقبلنا, أحلامنا وطموحاتنا تتهاوى, حياتنا توقفت في لحظة زمن ندور في زوبعة من الخراب والدمار على أنفسنا, نقتل وندمر وننتهك ونرهب بعضنا بعض, انه الإرهاب السياسي والفكري, إرهابا معنويا وماديا يصيب الروح ثم الجسد, يفسد الحياة, يطرد فينا كل خير لتلبسنا الشرور, فتختبئ الأسباب الحقيقة خلف ذرائع وهمية, جذورها هو التطرف والتشدد والتزمت إزاء فكر (أو أيديولوجيا أو قضية) تطرفا دينيا أو سياسيا يأخذ منحى مضلل, فكري طائفي مناطقي, فيجد مقاومة حقه, وسيلته العنف لفرض كيانه المرفوض, عنف يشتد شيئا فشي, تلقائيا يتحول لكائن إرهابي يرهب شركائه في الحياة والأرض, تلك هي الجماعات الإرهابية التي عشش فيها التطرف والغلو والتشدد لرؤاها وأفكارها وقناعاتها, هي امتداد للهشيم التاريخي المتراكم, التي لا تؤمن بالتنوع وحق الأخر بالاختيار في أن يكون حرا في فكره وقناعاته وأجنداته التي بالضرورة أن لا تتعارض مع القضايا الوطنية والإنسانية والقيم والمبادئ والمعاير المتفق عليها في النظام والقانون المنظم لإيقاع الحياة والعلاقات لإرساء المواطنة المتساوية والحرية والعدالة دون ضرر ولا إضرار لنتعايش في وطن يجمعنا.


الإرهاب اخطر وسائل الباطل لمواجهة الحق, يتلبس الدين تارة والوطنية تارة أخرى, الإرهاب ثقافة لا دين ولا وطن لها, موطنها العنف, بيئتها الفوضى, يحلو لها غياب الدولة والنظام والقانون, وسيلة إخضاع وفرض أمر واقع للأخر, نلبسه هوية ونوجد له مبرر وذلك بتسييس الإسلام, وزج السياسة في الاختلاف المذهبي والدين, أو البقاء مأسورين بالماضي, لم نستطيع تجاوز مأزقه, من أحقاد وضغائن وثارات, تلك هي نقاط ضعفنا التي استثمرها الأعداء والمغرضون, فوقعنا في مصيدتهم كأدوات ننفذ أجنداتهم, جنودا في مشروعهم للتدمير الذاتي معاقين.


نتفق جميعا أننا العالم الثالث المتخلف في ذيل القائمة, وأنهم العالم المتحضر, ولكننا نختلف بسبب ودواعي تخلفنا هذا وتقدمهم, بالديمقراطية كثقافة وسلوك نهضوا, ونحن بالاستبداد والظلم والاضطهاد والإقصاء والتهميش تعوقنا, لا نهضة ولا تقدم, وبدد ثروتنا ومقدراتنا, وقيدت عقولنا وسلبت قدراتنا وملكاتنا ومهارتنا, فهاجرت عقولنا لتبني أوطانهم, واستدعينا أطماعهم لتمتص خيراتنا فحرمنا منها وسلبنا نعمتها, لنبقى متسولين تحت رحمتهم نقتات فتاتهم, صغرنا فكبروا, رخصنا فشتروا  ببخس الأثمان.


الإرهاب هو نشاه أسرية واجتماعية  يشكل فكر وثقافة الإنسان, مما يرتشفه من علم ومعرفة, أساسها التربية والتعليم ومناهجها والسياسة التعليمة, والمعاهد والمدارس الخاصة والمنابر الخاضعة للدولة وغير الدولة, ينتج صالح وطالح, عبث طال حياتنا فأنشأ التطرف وأفكار ضالة وقيد العقول وعفن الروح, فكرا كبر ونما في أحضاننا, وسط أسرنا في المسجد والمدرسة والمعهد, شحن أعمى, وخطاب مضلل, طفلا ينموا ويتصلب عوده كارها وحاقدا, وعندما كبر وشكل خطر علينا وبدأ الضرر, فقاومناه وكلما قاومناه اشتد غلاظه وأنتشر في البيئة الحاضنة له, هم منا والينا, كلما وجدوا فراغا أملأوه, وعنف استثمروه, ومنبرا اعتلوه, ونظام وقانونا تحاشوه, إنها النار من مستصغر الشرر, يتطور وتتنوع أساليبه من تكفير وانحلال وكراهية وحقد وغير ذلك.. فكلها تنحصر في الفكر نتيجة الظلم والاضطهاد وغياب العدالة وضغوط لحظيه صاحبها عاطفة خاصة أو عامه, قد تصادف ذلك في البيت أو في المجتمع مع أخ أو قريب, نعم خريج جامعه لم يوظف بعد, شباب ضاقت به الحياة وأهمل وغابت الدولة والرقابة والتوجيه, ووجد من يجتهد ويخطئ, ونتيجة أخطاءه كارثة على المجتمع والوطن, انه الإرهاب فكرا يتلبس الإنسان وصار خطر على نفسه ومجتمعة وأمته, نحن ضحاياه.


محاربة الإرهاب بالطريقة التقليدية العسكرية, هو ذر الرماد على العيون, بل الخدعة التي يذهب ضحيتها شباب في مقتبل العمر, وأمة تتصارع مع كيانها, لتصاب بالشلال العام.


حرب الإرهاب هي حرب فكرية, هي إنشاء مجتمع وأمة نشاءه ثقافية وفكرية, تتوازى مع البناء والتعمير, نركز اهتمامنا على الفرد كثروة بشرية مستدامة, فهل نعي وندرك خطورة مسارنا المشحون بالتعصب والتزمت والعمى دون بصر وبصيرة, والعناد والتهور, الذي حولنا لتشكيلات عسكرية تقتل بعض, وتتآمر على بعض, لا فائدة عامة منها, بل صارت جزءا من المشكلة, وأداءه سلبية لتدمير الحياة والوطن والأمة, القتل متاح بالعمليات الإرهابية, أو بالاشتباكات المسلحة لإخضاع الأخر, أو لنهب أرضية والسطو على ممتلكات خاصة أو عامة أو رصاص طائش, أو تنفيذ أجندات ممونه خارجيا أو داخليا, لنتحول نصفنا قتله ومجرمون والنصف الأخر ضحايا لا حولا لهم ولاقوه إرهاب طال كل شيء في ارض اليمن المباركة.


 

زر الذهاب إلى الأعلى