مقالات

الحل يمني بامتياز

 


تشكل المعركة الدائرة في محافظة الحديدة نقطة تحول في مسار الحرب في اليمن، فخلال السنوات الماضية حولت ميليشيات الحوثي المحافظة إلى مركز من مراكز تهريب الأسلحة عبر وسائل مختلفة، مهددة بذلك الوضع في اليمن ودول الجوار، كما أنها استغلت الموارد المالية لخدمة مشروعها الهادف إلى إبقاء اليمن تحت قبضتها، وأنفقت هذه الموارد لمصلحة مجهودها الحربي.


وعندما باشرت قوات التحالف العربي، المساندة للشرعية اليمنية، معركة الحديدة، فإنها أرادت من وراء ذلك دفع الحل السياسي قدماً إلى الأمام، وهو ما أكده وزير الدولة للشؤون الخارجية الدكتور أنور قرقاش، الذي أشار في المؤتمر الصحفي الذي عقده أمس، إلى أن الهدف الاستراتيجي من العمليات العسكرية الجارية في الحديدة منذ أيام، يتمثل في دفع الحوثيين للانصياع إلى حل سياسي وفتح آفاق جديدة للحل، معتبراً أن الحل في اليمن لن يكون إلا سياسياً مدفوعاً من الأمم المتحدة، وهو فوق هذا وذاك يمني بامتياز، إذ إن هدف التحالف الاستراتيجي، يتمثل في حرمان إيران من وجود دولة ميليشيات داخل اليمن، واقتلاع تنظيم «القاعدة» الإرهابي.


ومن المهم الإشارة إلى أن العمليات العسكرية في الحديدة تسير بوتيرة جيدة، فهناك حرص من قبل القوات المشتركة اليمنية والتحالف على تحييد المدنيين، وتجنب مواجهة دامية داخل المدينة، حيث يشدد قرقاش على أن التحالف حذر جداً في التقدم العسكري، ولا يتحرك بصورة عشوائية إلى منطقة مكتظة بالسكان كالحديدة.


وبالتوازي مع التحركات السياسية، تبدو الجوانب الإنسانية حاضرة في المشهد، فميناء الحديدة لا يزال يعمل، خلافاً لما يروج له الحوثيون، ومن ينفذون أجندتهم في المنطقة، فالتحالف أكثر من هؤلاء حرصاً على وصول المساعدات إلى مستحقيها، خاصة بعد أن حول الحوثيون حياة الناس إلى جحيم، والميناء إلى «بقرة حلوب» يستخدمون موارده المالية في تمويل حروبهم ضد اليمنيين. إذ إن الحوثيين يجنون من وراء التحكم في الميناء وموارده المالية ما يقرب من ثلاثة مليارات دولار سنوياً، وهو ما تعكسه مظاهر الثراء لدى قادة الجماعة ومناصريها، فيما الجوع يضرب البلاد منذ انقلابهم على الشرعية، وسيطرتهم على البلاد بقوة السلاح عام 2014.


معركة الحديدة إذاً، ستكون مفصلية في المشهد اليمني، فقد أحرزت قوات الشرعية، المدعومة بالتحالف، تقدماً كبيراً خلال الفترة القليلة الماضية، وستكون فرصة للضغط على الميليشيات للقبول بحل سياسي شامل، خاصة أن هذه الميليشيات لم تستفد من المبادرات التي قدمت للخروج من الأزمة الحالية، خاصة في المفاوضات التي جرت في جنيف والكويت، والتي رفضت التوقيع على اتفاق بذلك أكثر من مرة، لذلك لا يراهن الكثيرون على أي حكمة يمكن أن تصدر عن الجماعة التي لا تزال تعتقد أن بإمكانها الصمود أمام منطق التاريخ، وقوة الإرادة الفولاذية التي يتمتع بها الشعب اليمني الرافض لمشروعها الخارج من غياهب الجهل.


في نهاية المطاف لن يكون الحل إلا بأيدي اليمنيين، ولن يصنعه إلا اليمنيون أنفسهم، بأرواحهم وبنادقهم، فهم الذين اكتووا بنيران حرب فرضت عليهم بقوة السلاح، بغرض تمرير مشروع لا يمت لهم بأية صلة، وقد حان الوقت للتخلص منه، وإلى الأبد.


 

زر الذهاب إلى الأعلى