ما الذي يؤخر قوات التحالف عن الإسراع بالحسم في الحديدة وما جاورها، على الرغم من أنها منطقة ساحلية أي أنه لا عقبات فيها كما في الشمال، هذا إضافة إلى الفارق في التسليح والعتاد العسكري؟ سؤال طُرح كثيرا مؤخرا على الكثير من الخبراء والمحللين.. وكان مجمل إجاباتهم تتمحور حول أن هناك عائقا وحيدا يقف أمام التحالف في جميع مواجهاته، ليس فقط في معركة تحرير الساحل الغربي، ألا وهو عائق الدروع البشرية.
الحوثي وأعوانه لا يتورعون عن استغلال الأبرياء من المدنيين في حربهم الخاسرة.. هو يعلم أنه سقط عسكريا فما عاد يبالي كيف يستخدمهم.. هو يفضل استخدام الأطفال في هذه الحرب لأكثر من اعتبار؛ الأول أنه لم يعد لديه من يقوم بمهمته الدنيئة من البالغين؛ لأنهم إما تم القضاء عليهم أو أنهم لاذوا بالهرب، فوجد ضالته في الأطفال الأبرياء، في انتهاك صارخ للتشريعات والأعراف الدولية، فيما يتعلق بقواعد الحرب؛ فالقانون الدولي الإنساني وتشريعات حقوق الإنسان يجرّمان استخدام وإقحام الأطفال والمدنيين الأبرياء في أي صراع مسلح، بل يلزمان جميع الجهات التي تخوض الحرب بحمايتهم.. لكن الحوثي لا يبالي بأي من ذلك.
الاعتبار الثاني أنه ما عادت لديه القدرة على التجنيد العقدي والمادي؛ فقد استهلك كل موارد الدولة التي استولى عليها، وما عاد يصله أي مدد من أي جهة؛ لأن قوات التحالف تمكنت من قطع كل الطرق والمنافذ تقريبا.
الاعتبار الثالث أن تجنيد الأطفال أسهل بكثير من تجنيد الكبار، بمجرد خداعهم وإيهامهم بأن ما يطلب منهم واجب وبإغرائهم بالمكافئات.. وغير ذلك كثير.
الحوثي بات وحيدا، فقد تخلى عنه الجميع حتى حليفه الذي ورّطه بهذه الحرب التي قضت على معظم أعوانه، وقريبا جدًّا ستقضي عليه.. تخلى عنه مرشده في طهران وانشغل بما ألم به جراء العقوبات من انهيار في الاقتصاد وفي سعر العملة.
توقف مرشد الحوثي عن إرسال صواريخه؛ لأنه ما عاد يقوى على الاستمرار في تصنيعها؛ لأن تكلفة الإنتاج والتصدير باتت باهظة الثمن.
ويبدو أن الحوثي متمسك بتعليمات مرشده في طهران، ولا ينوي التوقف عن إطلاق ما تبقى لديه من صواريخ باتجاه المدن السعودية، في محاولات مستميتة للحصول على المزيد منها، ولكن هيهات!
على الرغم من كل ما فعله الحوثي بالبلاد والعباد- لاسيما الاحتماء بهم وفي ذلك خطورة كبيرة على أرواح الأبرياء- إلا أن خيار العودة إلى الشرعية سيظل مطروحاً كخيار عملي وحقيقي، وهذا مبدأ إنساني من شأنه أن يحقن الدماء ويحمي الأبرياء، ويكفي البلاد والعباد شر القتال.
باختصار.. السبب الأول والأخير الذي يطيل أمد أي حرب هو تجنب المسّ بالمدنيين الأبرياء.. وهذا ما يشكل الأولوية لدى قوات الحكومة وقوات التحالف التي تقضي معظم وقتها في تأمين سلامة سكان الحديدة ومدنييها. وهنا تجدر الإشارة إلى الأدوار التي تقوم بها القوات الإماراتية، حيث تعمل على عدة مستويات في ذات التوقيت، عسكريا وإنسانيا إلى جانب القوات المشتركة من قوات التحالف المختصة في عملية نزع الألغام كالوحدات السودانية التي يستعان بها لخبرتها في هذا المجال.. والأكيد أنه لا يوجد أي عائق عسكري للحسم السريع؛ لأنه لا مقارنة بين قوات التحالف والمليشيات الحوثية على جميع المستويات.