ألقوا حجراً في راْسه فقط
يستميت الحوثيون في الحديدة، ولا يبالون بالخسائر، وعيونهم مفتوحة على تحقيق نصر على القوات التابعة لطارق محمد عبدالله صالح “حراس الجمهورية”.
مبعث هذا التفاني والإصرار نابع من مخاوف انفراط عقدة الخوف الشعبي ومناصرة هذه القوات، وهو ما يعيد الحياة لعلي عبدالله صالح والمؤتمر الشعبي العام.
لذلك يحاولون إظهار هزيمة طارق وقواته بأية طريقة كانت، لكسر هيبتها وقبولها لدى المجتمع، ولقتل أية نوايا بالتحرك الشعبي.
فتارة يدعون أنهم استولوا على الأطقم العسكرية، وتارة يقولون أنهم أحرقوا 333 عربة مدرعة، ومرة ثالثة يحاولون زرع الخلافات وبث الشقاقات بين ألوية القوات المشتركة..
طوال أسابيع مضت جمع الحوثيون وحشدوا من السلاح والمقاتلين بأقصى طاقتهم، بل أنهم دفعوا بوحدات متخصصة من أجل القيام بعملية اختراق من الفازة، أو التحيتا، أو الجاح، للوصول إلى الساحل، وعمل تقرير النصر الإعلامي الذي يمثل لهم أهمية أكبر من المعركة ذاتها.
لكنهم لم يحصدوا سوى الهزائم، ولم تكن أهازيج قيادات الحوثيين بمفاجآت سوى رقصات ديك مذبوح بين أشجار النخيل والكثبان الرملية.
ولّوا هاربين أو مصابين وقتلى، دون أن يكترثوا بالإجابة لذيويهم لماذا ذهب أبنائهم ولم يعودوا..
وبجنون لا مثيل له، راحوا من هول الفاجعة كالمجذومين يسرقون مزيداً من أبناء الناس ليسوقونهم للمحرقة، ويجعلوا من المدنيين متارساً لبنادقهم ويقطعون عنهم المياه ويعيثون في كرامات النازحين منهم كعقاب جماعي.
لقد رافق هذا الجنون الحوثي ومحاولة الاختراق من أية نقطة، على طول يمتد 100 كم يقع تحت مسؤلية قوات حراس الجمهورية، مزاج مماثل معه من قبل التجمع اليمني للإصلاح، الذي يتقاسم مع الحوثيين الكراهية لعلي عبدالله صالح وأسرته – الأحياء منهم والأموات – و للمؤتمر الشعبي العام الذي يريدون إدخاله ثلاجة الموتى.
ومهما حاولوا إظهار حرصهم على بقاء الموتمر الشعبي العام، ولكن بدون صالح وأسرته كما يحلو لهم تصوير الأمر بدبلوماسية مواقفهم، فإنهم بالحقيقة – الحوثيين والاخوان – يريدون تفصيل كيانات مفرخة باسم المؤتمر، كلاً على طريقته وهواه، وما يناسب مزاجة المثخن بالأحقاد والضغائن.
رغم ذلك، فإن قيادات المؤتمر الشعبي العام ماتزال تقف حائرة في معركة الساحل الغربي، بين جهود لملمة الشتات المتشضي، وبين مواجهة كل مصادر النيران الموجهة صوبه، وبين عقدة القائد الذي تم تكريسه بإن الموتمر الشعبي العام لا يوجد إلا في رأس على عبدالله صالح.
كان المؤمل أن تعيد معركة الساحل الغربي العافية لجسد المؤتمر المنهك بفقدان قائده، وتباعد قياداته، وشتات أحلام قواعده..
وهي بالطبع معركتهم، وقدمت على طبق من ذهب فرصة سانحة ليكونوا كياناً مختلفاً، بين كيانات أخرى، ظلت بعد ثلاث سنوات من الحرب فاقدة لثقة اليمنيين، وأحلامهم في عودة الدولة.
أعرف أن التجمع اليمني للإصلاح، الذي قال منذ فترة أنه قدم 12 ألفاً من أنصاره في الحرب أراد أن يقول أنا من يستحق السلطة، وأنه لا وجود لأي دور لكيانات سياسية اخرى في هذه الحرب، وبالتالي يجب أن يستمر المشهد هكذا الآن، بدون دور للمؤتمر الشعبي او لصالح وأسرته.
ننتظر دوراً للمرأة المؤتمرية، ولقواعد المؤتمر، التي مازالت تحمل في جوفها الولاء وعليها تقع المراهنة بتحريك الشارع، بالمناطق المحررة، في مسيرات تعيد للمؤتمر وهجه وحضوره، علها تفرض على قياداته خياراتها، وتنقذه من الشتات وهجمات تناله من كل حدب وصوب.
إن معركة الحديدة ستعيد تشكيل المزاج اليمني من جديد، وستفتح، في حال نجاحها، الباب لكل يمني ليخرج بلا مخاوف كي يلقي حجراً في رأس عبدالملك الحوثي ومشروعه السلالي المتخلف.