مقالات

حرب الحُديدة.. إرادة وقوة

 


قطعت العمليات العسكرية التي تقودها جيوش التحالف العربي في اليمن، مراحل متقدمة على طريق تحرير هذا البلد العربي من الميليشيات الحوثية المتمردة، وأصبح معظم الأراضي اليمنية ينعم بالأمن والاستقرار.


وكانت دول التحالف واعية منذ البداية، لأهمية السيطرة على الموانئ والمطارات اليمنية، لسد المنافذ أمام المتمردين ومنعهم من الحصول على السلاح الذي يأتيهم من إيران. وقد تمت السيطرة على كل الساحل المحاذي للمحيط الهندي، كما تقدمت القوات الحليفة مسافات بعيدة على ساحل البحر الأحمر، من أجل إكمال الطوق على المتمردين ودفعهم إلى الاستسلام أو الموت.


وكان ميناء الحديدة الذي يعد أهم الموانئ اليمنية، في عين الرصد لدول التحالف، ذلك أن الميليشيات المتمردة، منذ سيطرتها على هذا الميناء، استغلته لتهريب الأسلحة لاسيما الصواريخ الباليستية التي تطلقها باتجاه أراضي المملكة العربية السعودية، وباتجاه المناطق اليمنية الآمنة، وكذلك فهي تفرض الضرائب غير الشرعية، والإتاوات على السفن والشحنات التجارية، لتمويل عدوانها على الشعب اليمني، كما أنها اتخذت الميناء كمنطلق لتهديد السفن العابرة. فقد استهدفت سفينة إماراتية في الأول من أكتوبر 2016، قبالة مضيق باب المندب على ساحل البحر الأحمر، بصواريخ مضادة للسفن، وفي نفس الشهر، استهدفت مدمرة حربية تابعة للبحرية الأمريكية قرب المضيق البحري اليمني، وقد اعتبر المجتمع الدولي ذلك تطوراً نوعياً خطيراً؛ لأنه يهدد الملاحة الدولية؛ إذ يمر عبر مضيق باب المندب ما يقارب 4 ملايين برميل نفط يومياً، بحسب تقديرات دولية لعام 2015. كما أن حصول الميليشيات المتمردة على سلاح ثقيل كالصواريخ الباليستية، قد يؤثر في مسار المعركة الذي يتجه منذ البداية لصالح التحالف العربي. ولذلك شرعت قوات التحالف في الإعداد والتجهيز لخوض معركة بحرية شاملة، لطرد الحوثيين من كامل الساحل الغربي، وخصوصاً من ميناء الحديدة الاستراتيجي.


وعندما اكتملت التجهيزات وأعلنت قيادة التحالف تحديد ساعة الصفر لتحرير الميناء، تعالت بعض الأصوات المغرضة التي راحت تستغل الملف الإنساني، بهدف عرقلة العملية العسكرية للتحالف، من منطلق أن هذه العملية ستتسبب في إزهاق أرواح كثير من اليمنيين ولاسيما في الحديدة، كما أن ذلك سيؤدي إلى قطع المساعدات الخارجية التي تصل عبر هذا الميناء إلى الشعب اليمني.


وقد قابلت دول التحالف تلك الدعوات بالقول، إنها ليست عدواً للشعب اليمني، بل تسعى إلى تحريره وإنقاذه من براثن المتمردين، وهي مع تدفق السلع والخدمات المختلفة إليه، لكن السبيل الأمثل لتفادي تفاقم الأزمة الإنسانية، هو أن تقوم ميليشيات الحوثي بتسليم إدارة الميناء إلى الأمم المتحدة، وهو المقترح الذي طرحه المبعوث الأممي السابق عام 2017، لكن الميليشيات المتمردة لم تستجب لذلك، كما أنها لم تستجب لطلب المبعوث الأممي الحالي، مارتن جريفيث، الذي دعاها إلى تسليم الميناء للأمم المتحدة أو إلى طرف محايد.


والواقع أن ميليشيات الحوثي هي التي تسببت في تفاقم الأزمة الإنسانية في المناطق التي تسيطر عليها في الشمال اليمني، حيث منعت سفناً كثيرة محملة بالمواد الغذائية والطبية والوقود، من الدخول إلى ميناء الحديدة، ما أدى إلى ارتفاع الأسعار وحدوث نقص في المواد الضرورية، وخاصة الوقود لتشغيل محطات الكهرباء، والأدوية والعلاجات لمتابعة عمل المستشفيات.


وإزاء هذا التعنت الحوثي والإصرار على الباطل، لم يكن أمام التحالف العربي سوى الخيار العسكري لتحرير الميناء، وهو ما بات قاب قوسين أو أدنى، لاسيما بعد أن استطاعت القوات المتقدمة تحرير مطار الحديدة، والوصول إلى الأحياء السكنية في المدينة، وسيكون تحرير الحديدة بمثابة الضربة القاضية؛ لأن ذلك سيحرم الحوثيين من آخر منفذ لهم إلى العالم الخارجي، وبالتالي سيصبحون مطوقين من جميع الجهات، ما سيؤدي إلى تقهقرهم واندحارهم، وذهاب شوكتهم.


ومهما حاولوا تأخير تقدم القوات المهاجمة، إلا أنهم سيفشلون، فقد حانت ساعة الحقيقة، وبالتالي سيكونون أمام خيارين: إما تسليم السلاح والانسحاب من كافة المدن التي لا تزال بأيديهم، تطبيقاً لقرار مجلس الأمن الدولي 2216، وقبولهم التفاوض كحزب سياسي يمني، أو مواجهة الموت أمام قوات التحالف المتقدمة التي لن يثنيها شيء عن إكمال مهمتها، لتحرير اليمن بالكامل وإعادته إلى أهله، وإلى أمته العربية سالماً معافى.


 


 

زر الذهاب إلى الأعلى