لطالما ارتبطت إدارة الدول بمؤسساتها، إلا أن الحكومة القطرية تدير دولتها بالمحسوبية والتدخلات الخارجية، ما سبب لها انزلاقاً، وفشلاً كبيراً في إدارة أزماتها السياسية الدبلوماسية، سواء مع جيرانها، أو مع الدول الأخرى. فكثير من الدول الأوروبية اليوم تحذر من التعامل مع الحكومة القطرية بعد تعريتها بدعم الإرهاب، وتمويله، فأصبحت الحكومة القطرية في نظر الدول مشبوهة، ومن يتعامل معها مباشرة فلربما يصبح تحت مجهر المجتمع الدولي. واليوم، تأتي الحكومة القطرية بالوسطاء في تعاملاتها السياسية، والدبلوماسية، والاقتصادية، وهذا دليل كبير على أن دولة قطر تدار بالمحسوبيات، لا بمنظومة مؤسسات الدولة، فعمليات الشركات الخارجية أغلبيتها غير مفعلة، أو ألغيت بعد مقاطعة الدول الأربع لها بسبب دعمها للإرهاب، ما نزع الثقة تماماً عنها من جانب المجتمع الدولي.
ادعاءات قطر الكاذبة أمام محكمة العدل الدولية كانت ركيكة جداً من حيث الحجج والبراهين، وقدمت تقارير من جمعيات حقوق الإنسان القطرية لا يعتد بها، ووصف الدكتور أنور قرقاش وزير الدولة للشؤون الخارجية المرافعة القطرية بأنها كانت «مثيرة للشفقة». وليس غريباً على الحكومة القطرية نشر الادعاءات الكاذبة في حق مواطنيها الذين يعيشون في دولة الإمارات، وادعاء أنهم يتعرضون للتمييز العنصري. والواقع أن دولة الإمارات حافظت على كرامة المواطن القطري أكثر من الحكومة القطرية نفسها، واليوم يعيش المواطن القطري حياة كريمة مع عائلته في الإمارات من دون تمييز، أو كراهية، والقطريون يحصلون على التعليم والصحة والخدمات الحكومية، ويديرون أعمالهم الخاصة، وأيضاً منهم من يعمل في الوظائف الحكومية في المؤسسات الحكومية الإماراتية، وهذا إن دل على شيء فإنما يدل على أن قيادة دولة الإمارات حريصة على مصلحة الشعب القطري في المقام الأول.
منذ المقاطعة وقطر مستمرة في انزلاقها وفشلها في احتواء الأزمة، وتحاول جاهدة تضليل الرأي العام من خلال استغلال المحافل الدولية لنشر الأكاذيب والإشاعات، وهي اليوم تلقي الضوء على فشلها في محكمة العدل الدولية، فلم تقدم الحجج والبراهين، بل تحاول العزف على وتر العواطف فقط، في محاولة لتجنب تنفيذ التزاماتها الدولية المتعلقة بعدم دعمها للإرهابيين، ووقف دعمها لهم.
سجل قطر ملطخ بدماء إخواننا العرب في أكثر من بلد، والادعاءات القطرية في ملف حقوق الإنسان في محكمة العدل الدولية عارية تماماً من الصحة، ولم تكتف قطر بدعم الحوثي الإيراني بالسلاح والمال لقتل أبناء اليمن، بل تسعى أيضاً إلى تحريض مجموعات إرهابية لتنضم إلى صفوف ميليشيات الحوثي الإيراني. وعلى صعيد الإعلام، تدعم ميليشيات الحوثي الإيراني في الحديدة من قبل قناة «الجزيرة» الممولة من الحمَدين، فكلما تقدمت القوات اليمنية المدعومة من قوات التحالف في الحديدة، ورفعت رايات النصر زاد الإعلام القطري المتمثل في قناة «الجزيرة» رفع شعارات زائفة لميليشيات الحوثي، وتعمد إلى إجراء لقاءات مع القيادات الحوثية لنشر الادعاءات الكاذبة، والإشاعات الرخيصة عن قوات التحالف العربي، ووصل الأمر بهم إلى تخصيص أوقات كبيرة للحوثي لإطلاق تصريحات على منابر «الجزيرة»، والمنابر الإعلامية القطرية، لتوجيه التهديد الإيراني لعواصم الدول العربية. وأيضاً في الحديدة تعمدت قناة «الجزيرة» القطرية نشر الأخبار الزائفة عن المعارك لرفع الروح المعنوية المنهارة لميليشيات الحوثي . وهذا إن دل على شيء فإنما يدل على العلاقة القوية التي تربط الحكومة القطرية وتنظيم الحمَدين، بالنظام الإيراني، وميليشيات الحوثي، وأنهم عملة واحدة بهدف قتل الشعب العربي، ودعم الإرهاب، وزعزعة الاستقرار في الدول العربية.
لا بد من أن تتيقن الحكومة القطرية بأن شعوب العالم، وبالأخص الشعوب العربية، تكتشف يوماً بعد يوم، أن الحكومة القطرية تدعم الإرهاب في كل بقاع الوطن العربي، وملف دعمها للإرهاب أصبح بيد المواطن العربي، وأيضاً بيد المواطن القطري الذي يرى «الإسرائيليين» بشكل كبير يتجولون في الدوحة، وأصبحوا يرون دعم قناة «الجزيرة» للإرهابيين، ليتيقنوا بذلك أنها قناة أنشئت لزعزعة استقرار وأمن الوطن العربي.