مقالات

مواقف متضاربة!

 


بعد ساعات قليلة من اختتام محادثات وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو مع نظيره الكوري الشمالي كيم يونج شول في بيونج يانج، وإعلانه بأنه أجرى محادثات «مثمرة جداً»، إذا ببيان يصدر عن كوريا الشمالية يصف الموقف الأمريكي بشأن برنامجها النووي ب «مؤسف»، لأن الولايات المتحدة تعارض «روح القمة» التي عقدت بين الرئيس الأمريكي دونالد ترامب والزعيم الكوري الشمالي كيم جونج أون في سنغافورة مؤخراً.


من المفترض أن تكون المحادثات التي عقدت بين بومبيو ونظيره الكوري الشمالي تناولت وضع آلية حول تنفيذ بيونج يانج تعهداتها بنزع سلاحها النووي. لكن من الواضح أن الفهم الأمريكي لطبيعة المحادثات وشروط التنفيذ تختلف عن الفهم الكوري الشمالي، ما استدعى هذا التضارب في المواقف، وهذا يعني أن المحادثات لم تكن «مثمرة جداً» حسب وصف بومبيو، وإلا لما قالت بيونج يانج أن الموقف الأمريكي «مؤسف»، وزادت عليه بأن اتهمت واشنطن «بممارسة ضغوط أحادية الجانب».


هل هناك خطأ في الترجمة خلال المحادثات بين الوفدين حتى بدا مثل هذا التناقض بين الموقفين، أم أن الوزير الأمريكي أراد أن يعطي نفحة من التفاؤل بأن ترجمة قمة سنغافورة تسير على ما يرام، وأن العمل يجري لتنفيذ ما تم الاتفاق عليه بإخلاء شبه الجزيرة الكورية من الأسلحة النووية، وهو أمر ترى فيه بيونج يانج أنه يجافي الحقيقة، لأن واشنطن تمارس ضغوطاً عليها. وهذا يعني أن محادثات اليومين ليست كافية لتبديد الغيوم وعدم الثقة في العلاقة القائمة بين الجانبين والتي تعود لعقود مضت.


إذا كانت قمة سنغافورة شرّعت أبواب المفاوضات التي كانت موصدة تماماً، إلا أن ما كان يتسرّب من معلومات أمريكية بعد ذلك كان يثير الشكوك، ويلقي ظلالاً من عدم اليقين حول تقدّم مفترض بشأن البرنامج النووي الكوري الشمالي، إذ فيما كانت المتحدثة باسم البيت الأبيض سارة ساندرز تتحدث عن «مواصلة إحداث تقدم» في المحادثات، كان تقييم المخابرات الأمريكية يشير إلى أن كوريا الشمالية تواصل تعزيز قدراتها النووية، وأنها «زادت إنتاجها من الوقود اللازم لصنع أسلحة نووية في مواقع سرية كثيرة».


كان معروفاً أن المفاوضات بين الجانبين ليست سهلة، وسوف تشهد حالات مد وجزر، لأن الهدف الأمريكي النهائي هو التخلّص من الأسلحة النووية الكورية الشمالية، وهو هدف لن يتحقق من دون تلبية شروط شمالية أيضاً. وهذا ما عبّرت عنه أمس المواقف المتناقضة بين الوزير الأمريكي وبيونج يانج حول محادثاته هناك.


حتى لو تم الاتفاق على الآليات والجداول الزمنية فإن التنفيذ قد يطول أكثر بكثير من مدة السنة التي توقّعها مستشار الأمن القومي الأمريكي جون بولتون.


 

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى