التعليم.. حكاية محزنة ومضحكة
إفتخار عبده
خرجت ذات صباح تجر أذيال العباية التي ترتديها، ذات اللون السماوي، تحمل عصاً بيدها.
لقد كانت خطواتها تفضي بنوع من الغرور والكبرياء.. تتجه صوب إحدى المدارس الحكومية.
دخلت إلى المدرسة، وهي تعنّف الطلاب لوقوفهم أمام المدرسة، وأدخلتهم مضروبين غير آسفة عليهم.
اتجهت صوب الفصل الدراسي، لتبدأ حكايتها مع الطلاب، تسرد عليهم المن والغرور، تخبرهم بأنها تنازلت وتطوعت لهم بالتدريس، وأنهم غير أهلٍ لذلك، وهي التي كانت قبل عام تدرس في الفصل ذاته، هي التي كانت تتلقى تعنيفاً من مدرسيها لأنها لا تجيد الإملاء ولا تحسن الخط، ولا تلتزم بأدائها لواجباتها المدرسية.
لقد أصبحت اليوم معلمةً للغة العربية والقرآن الكريم وبقية المواد الدراسية، التي طالما كانت تهرب من فتح كتبها مسافات طوال.
ها هي تلحن بالقرآن ولاخوف عليها، تتجرأ بأغلاطها على المواد الدراسية دونما رقيب أو حسيب، هي بهذا الفصل.. وبالفصل المجاور لها توجد الأخرى.
لاتستطيع أن تتحكم بالفصل بطلابه، فتضطر إلى إخراجهم قبل موعد الخروج، وإذا ما استمرت معهم ووجِهَتْ إليها بعض الأسئلة، فإنها بارعة جداً بالإحابة عليها وإن كان بعد الإجابة عن السؤال كبعد الأرض عن كوكب زحل، أو أنها تخرج تماماً عن السؤال إلى التوبيخ والزجر والمن على الطلاب الذين لاحول لهم ولا قوة.
وقد تضطر إلى طرد من تكرم بالسؤال ليحذر الآخرون عن التمادي هذا على المدرسات اللائي تفضلن عليهن، وأفردن لهم من وقتهن الثمين، ليستمر التعليم قولاً لا فعلاً!
أنت عندما تجد هذا الخراب والدمار والفساد في العلم والتعليم، تدرك جيداً لماذا جاء الانقلاب، وما الهدف الرئيسي منه، تدرك جداً نوايا الانقلابيين وأهدافهم في إغواء المجتمع وهلاكه في كل المستويات، لاسيما المستوى التعليمي، وإلا فما ذنب معلم مجيد قضى نصف عمره في التدريس، وأهدر شبابه فيه حتى أخرج أجيالاً كثيرة قادرة على الرفع من شأن هذا الوطن الحبيب.. ما ذنبه حتى قُذِفَ به بين أدراج النسيان وتم الاستغناء عنه والإتيان ببديلٍ له ممن لا يستحقون أن يكونوا طلاباً في الثانوية.
وما ذنب معلم قادر ومتمكن، أصبح اليوم بين من يحملون الأحجار على ظهورهم.
إن التعليم في عصرنا هذا البائس جراء الحرب وتحكم المليشيات، حكاية مضحكة ومحزنةٌ ومشينة.
عن يمن مونيتور