مقالات

باب المندب: باب الدموع الحوثية!

 


المضيق البحري في الجغرافيا عبارة عن ممر بحري يفصل بين جزءين من اليابسة ويصل بين مسطحين من المياه، وكانت (وما زالت) المضائق المائية ذات أهمية قصوى في التاريخ لاعتماد الدول بشكل مكثف على البحار في تسيير الحملات العسكرية والسفن التجارية. ويوجد في العالم عشرات المضائق البحرية لعل أطولها مضيق ملقا الذي يبلغ طوله قرابة 900 كم ويربط المحيط الهندي وبحر الصين الجنوبي، وأضيقها ربما يكون ممر البسفور الذي يفصل قارة أوروبا عن قارة آسيا.


أما مضيق باب المندب فقد سمي بذلك –كما قيل- لأنه الباب الذي يُندب فيه حراس ينبهـون إلـى خطـر الغزاة، وهو الممر الذي يصل البحر الأحمر بخليج عدن والمحيط الهندي ويفصل قارة آسيا عن قارة إفريقيا. وقصة هذا الممر المائي الحيوي أو «باب الدموع» كما سماه ياقوت الحموي في معجم البلدان مزيج عجيب من الجغرافيا والتاريخ والسياسة والدين، فهو من حيث الجغرافيا يربط البحر الأحمر بالمحيط الهندي عبر بحر العرب والقرن الإفريقي وبحر عمان ويربط الخليج العربي بالبحر الأحمر ومنه إلى البحر الأبيض المتوسط. ومن حيث التاريخ فقد كان مضيق الوفاء (أحد أسمائه التاريخية) محل صراع منذ عهد البطالمة والساسانيين ومن أعقبهم من دول ودويلات حتى القرن الثامن عشر والتاسع عشر وما بعد حين تنافس الإنجليز والفرنسيون والإيطاليون والبرتغاليون، وفي الجانب التاريخي نجد أنه بعد سقوط الدولة العباسية العام 1258م ورثت مصر المملوكية البحار القريبة منها فكان أن قررت إحكام السيطرة على البحر الأحمر ومنع غير المسلمين من دخوله إلا بتصريح مسبق.


وفي العصر الحديث ظل باب المندب محل تجاذبات وطموحات وإغراءات شتى ومنها تزايد خطر القراصنة الذين تشكلت من أجلهم قوة خاصة من 25 دولة. وتتزايد مخاطر تهديد أمن الملاحة عبر هذا المضيق على المملكة والمصالح الحيوية للعالم خاصة أن الدول المطلة عليه (اليمن، جيبوتي، أثيوبيا وأرتيريا) لا تتمتع بقوة سيادية ذات أذرع اقتصادية أو عسكرية وهي في أدنى سلم التنمية في العالم الثالث.


 


وقبل تعرض الناقلتين السعوديتين سفينة الإغاثة الإماراتية للهجوم فيما سبق فقد تعرضت ناقلة تجارية إسبانية في شهر أكتوبر 2016 لإطلاق قذائف «آر بي جي» من قارب صغير وأحدث ذلك أضراراً كبيرة على الناقلة، وبعد هذا الهجوم بيومين تعرضت الناقلة «Melati Satu» لهجوم بقذائف «آر بي جي» وتم إنقاذها من قبل سفينة Majesty Riyadh التابعة للبحرية السعودية ورافقتها حتى غادرت المضيق، كما وقعت عدة هجمات في ذات الشهر على سفن حربية أميركية في باب المندب ومنها السفن: USS Mason, USS Ponce, USS Nitze.


وحين قرر الملالي نقل الصراع من مضيق هرمز بواسطة العملاء الحوثة في اليمن فلعل محاولاتهم إغلاق باب المندب تفتح «باب الدموع» على أنفسهم. إن قرار المملكة وحلفائها وقف ومراجعة عمليات ضخ النفط عبر البوابة الجنوبية للبحر الأحمر يعني بشكل واضح أنّه إذا أراد العالم ولاعبوه الكبار استمرار تدفق الطاقة فلا مناص من وقف ألاعيب السياسة والتعامل بجدية مع الملالي ومرتزقتهم في اليمن وإلا فهذه أولى النتائج.


 


قال ومضى:


في معركة المبادئ الخصم الوضيع.. سوف يضيع!


 


 

زر الذهاب إلى الأعلى