بين يدي الرئيس هادي وقيادات المؤتمر

 


لما لا يسهل على العربي عموماً واليمني خصوصاً امتلاك فرصة المراجعة، وشجاعة النقد؟


لسنا بعيدين عن ذلك في المؤتمر الشعبي العام، الحزب الذي يوشك أن يكمل عامه السادس والثلاثين بعد أسابيع قليلة وتحديداً في الرابع والعشرين من أغسطس القادم.


قبل نحو عام أخذت قيادات وكوادر المؤتمر سكرة النشوة بالحضور الجماهيري الأضخم في تاريخ اليمن، في 24 أغسطس 2017م في ميدان السبعين والشوارع والأحياء المحيطة به، لقد أخذتنا النشوة بعيداً عن ملامح الصورة الأهم، كانت المسئولية عظيمة، واللحظة حرجة للغاية، يا الله.. كم ابتعدنا!


لطالما كان المؤتمر الأقرب إلى روح التربة اليمنية والأكثر التصاقاً بها، وكان عليه مثلما عليه الآن أن يقود قاطرة الحياة السياسية والاجتماعية في اليمن بعيداً عن محطات التشوه الماضية والحالية، وعن مستنقع التفكير المعاق الذي أفسد السياسة والاجتماع والثقافة والاقتصاد والإدارة، ربما دخلت القوى السياسية اليمنية من باب واحد لكنها تمضي تائهة من أبوابٍ متفرقة جامعها الوحيد هو الضياع وغياب الرؤية.


كان مأمولاً أن تنجح الكتل السياسية التاريخية في سحب جماعة الحوثيين إلى منطق السياسة، فسحبها الحوثيون بتاريخها ومصالحها إلى جحيم الحرب، الحوثيون لا يفكرون، لكن القوى السياسية لم تفكر أيضاً؛ لقد استنزفتنا الصراعات ونال منا سباق الخاسرين، مثلما يهزمنا عنادنا اليوم، لعبة السياسة لم تكن تجربة معزولة في المختبر (ولن تكون كذلك) حتى نسيطر على متغيراتها ونضمن نتائجها، لعبة السياسة تعني فرصة الملايين بالحياة والنجاة.


لا أدري تحديداً لماذا وكيف اتسعت المسافة بين الرئيس هادي وقيادات المؤتمر، لكني أدرك أن الطرفين يتحملان المسئولية الأهم عن ذلك، كنا جميعاً (بقصد أو بدون قصد) شركاء في هذه الكارثة، أنتجت القطيعة خلافاً أدى لانشغال الرئيس هادي عن كثير من مهامه ومسئولياته كرئيس للجمهورية، مثلما أدت لانشغال قيادات ومؤسسات المؤتمر عن مهمتهم ومسئولياتهم في تهذيب العملية السياسية وترقيتها لرعاية وتنمية الحياة العامة في البلد.


اليوم.. حتى وإن كان الرئيس هادي خياراً غير مثالي للبعض، إلا أنه خيارٌ حتمي في لحظات التيه القائمة، علينا أن نجتهد في أن يكون أداء الرئيس هادي أفضل، مثلما عليه أن يجتهد في أن يكون أداء المؤتمر وكل القوى السياسية أفضل، ولأجل ذلك نحتاج لأن تُنقَل الكثير من النقاشات والملفات من تحت الطاولة إلى فوقها، وأن يذهب النقاش بشجاعة وشفافية إلى كل مساحة اتفاق أو خلاف بشرط إتقاننا فن الاتفاق وفن الاختلاف.


ليس على المؤتمر أن يكون بديلاً للكتل السياسية وليس على الكتل السياسية الأخرى أن تكون بديلاً عن المؤتمر، وليس على الرئيس هادي أن يكون طرفاً في النزاعات وضامناً لاستمرارها، على الرئيس هادي أن يكون (الرئيس هادي) وأن يكون ضامناً لحل المشكلات وإعادة الاعتبار لمؤسسات الدولة ولفرص الحياة لكل مواطن يمني، وعليه أن يتذكر أن سبعة ملايين إبهام تخضبت بالحبر الأزرق في 21 فبراير 2012م يوم انتخابه رئيساً للجمهورية اليمنية.


لم يعد هناك ما هو أكثر قداسة من دماء اليمنيين ومن حياتهم بكرامة، يمكن لكل القوى السياسية في الداخل أولاً، ولكل القوى الإقليمية ثانياً أن تتحدث فوق الطاولة، إن لم تتحدثوا اليوم قد تسكتوا إلى الأبد، لأن الموتى لا يتحدثون، الموت سيتخطَّف كل المشاريع السياسية القائمة، لأن بذرة الحرب التي تطحن اليمنيين لن تكون شجرة نفوذ وسيطرة لأي قوة سياسية تشارك في ري بذرة الحرب أو حتى السكوت عنها.


اللهم يا مالك يوم الدين.. اهدنا الصراط المستقيم.


 


 

Exit mobile version