مقالات

في مغيب القمر

 


استغل الحوثيون حادثة قصف طيران التحالف لطلاب في صعدة بطريقة سياسية كالعادة، وراح إعلامه ونشطاؤه لاستثمار الموت بفرح مجنون لاستجداء مواقف وتعاطف محلي ودولي لإدانة خصومهم ولحشد مزيد من الضحايا، ولتوسيع رقعة الدّم، بينما كان الواجب أن يسألوا أنفسهم من انتهك حقوق هؤلاء الأطفال وساقهم إلى المحرقة؟


ومن يجرف شعبا إلى الموت دونما إنسانية وأخلاق ودين ومسؤلية؟


هذا مقطع لقناة المسيرة يحكي على لسانها وتنقاله عدد كبير من نشطاء الحوثيين قصة هؤلاء الأطفال وطريقة تعليمهم قبل الحادث..


يكشف المقطع البيئة التعليمية التي يريدها الحوثيون لهؤلاء الأطفال ولغيرهم من أبناء اليمن: تعليم طائفي.. سلالي.. مقابر وموتى وصور الموت والدماء والدمار تحيط بالأطفال من كل جانب.


ومن الواضح أن هكذا تعليم هدفه إنشاء جيل لا يتسلح بالعلم والمعرفة قدر تخريج مقاتلين مسمومي الفكر منتهكي الحقوق مغسولي الأدمغة يحملون البندقية ويقاتلون ويُقتلون ويَقتلون تحت راية جاهلية هم صناع مجدها الأثم وجراثيم جروح وأمراض اليمنيين النازف..


الأمر لا يتعلق بإدانة الحادث ولا باعتبار تحميل طرف مسؤولية الجريمة، ولا اعتبار الإدانة بطولة وإنصافاً فقط


الأمر لا يتعلق بأخذ صور لحقائب دراسية ملقية على الأرض لصناعة تراجيديا ولاستجلاب العاطفة المحلية والدولية.


الأمر برمته يتعلق في جماعة تنتهك كل شيء، وتتاجر بكل شيء، وتحمل فكراً داعشياً متطرفاً ينساق وينسجم كلياً مع فكر أبوبكر البغدادي وكل قيادات التطرّف..


الأمر يتعلق بجماعة تريد إحالة كل طفل إلى قاتل وضحية في نفس الوقت إلى لغم بأقدام وسواعد وروح ودم مسلوب العقل والتفكير بالحياة والمستقبل..


جماعة مرتهنة لإيران تسوق شعبا إلى الموت وهي لا تبالي وتشعر بالكيف والنشوة كلما اتسع القتل وزادت مساحة الخراب.


جماعة جعلت كل يمني هدفاً للقتل من كل اتجاه، ومن لم يُقتل على يدها جعلته هدفاً لخصومها.. لم تحترم طفلاً ولا شاباً ولا امرأة ولاكهلاً.. ساقت الآلاف إلى المعتقلات والشتات ومزقت النسيج الاجتماعي، وأحالت البلاد إلى مقابر تحت رايات إمامية وحجج واهية وحروب عبثية ليس لها نهاية..


في “مغيب القمر”، رواية شهيرة للمبدع الأمريكي “جون شتاينبيك”، تصور الرواية سيطرة ألمانيا النازية على قرية نرويجية صغيرة خلال الحرب العالمية الثانية…


ترسم الرواية أقوى قصة كتبت أثناء الحرب لتستحث البلدان الديموقراطية على التصدي للنازية، وتلون رمزية قوة الشعب وحريته في مقاومة مشاريع الظلم والظلام.


فمتى يستفيق العالم من سباته وأوهامه الفضية عن الحوثيين ويدرك أنه امام جماعة إرهابية متطرفة خطرها على السماء والأرض وليس على اليمنيين وحدهم؟


 


 

زر الذهاب إلى الأعلى