وطني الغالي.. عيدك مبارك
كلُّ عام وأنت بخير يا يمن..
قد لا يكون لديَّ مبرر لأحبك.. لكن من قال إنه حب هذا الذي لديه تفسير وتبرير؟
ليس اختياراً أن أحب أصابع يديّ، وأطمئن لقدميّ، وأثق بعينيّ.. وأسلم نفسي لعقلي..
هذه هي أنا، وكل هذه هي بعضك أنت..
من هواك ومائك وخير ترابك..
ليس بيننا عقود عمل، ولا كفالة.. وإن وجدت نفسي فيك بلاسكن ولا مال، سيضمني جبلك وواديك وترابك..
لست شركة، وينهبك لصوص الحقوق بنا، وينهبونا بنهبك.
أنا بعض منك.. لهذا تملّكيني..
تمَلّكيني صالحاً أو طالحاً، فمثلما لم اختَرك فإنك لاتتشرطين لمنح أبنائك سحنة أرضك ومذاق مائك.
أنت يا بلادي، هذه الطفلة التي تبتسم وهي تقول عيد مبارك وهي يتيمة مضطهدة، لكنها تهزم كل المصائب بالتمسك بك وبذاتها.
تمُرّين بوقت عصيب.. أعرف ذلك، فأنا وقبلي آلاف غادروا منازلهم وماضيهم كله، ليس فقط بيتاً وأثاثاً وشارعاً ومكتبَ عملٍ، بل وحتى خطاب وفكر، ظنوه هو وطنهم فقالت لهم الأحداث إن الجار قبل الدار، وحين يصبح جارك حوثياً لايبقى لدارك حرمة ولا أمناً.
فيسبقك وطنك بالاختباء في قلوب الشاردين..
بقيت ثلاث سنوات محشوراً بين جبال رأيت شموخها صموداً.. واليوم أسافر في طريق بحري يمتد لآلاف الكيلومترات من الحديدة وحتى المهرة، وأرى وراء ماء البحر الممتد تسامحاً وانفتاحاً وعنفواناً يعاتب في الجبل تجبره على السهول والوديان..
وفي أعماقي ثقة بأن الغد سيعيد لغة التواصل بين البحر والجبل.. ولكن بعد أن يتموضع أصحاب المصالح في دولة واحدة أو في دول متعددة، كلهم ستبقيهم اليمن يمنيين، وهذا هو حدك وشرطك الذي لايكترث لموازين القوى.. ولا لأعراف الأنظمة والدول.
يمنيون كنا في عشرات ومئات وآلاف الشعوب والدول والقبائل والتجمعات..
وليس هذا تفاخراً بشيء.. فأي فخر في شعب لايبقى واحداً فيه إلا الطبيعة الممتدة التي لايملك هو حقاً في التحكم بها.
لكنه تمسّك بالباقي الدائم الثابت.
لك أنت وحدك اقول: كل عام وأنت فينا ما نصنعه، وجعاً أو فرحاً..