اليمن.. بين آلام الوحدة وآمال الانفصال!
كان لافتًا في آخر انتخابات محلية شهدتها اليمن بالتزامن مع الانتخابات الرئاسية (سبتمبر/أيلول 2006)؛ اكتساح المؤتمر الشعبي العام لمعظم الدوائر الانتخابية في عموم مُحافظات الجمهورية، بما فيها صعدة، باستثناء مقاعد محافظة الضالع التي تراجع فيها إلى الترتيب الثالث بعد حزبي الإصلاح والاشتراكي.
في الشهر الذي يليه سألتُ الأستاذ “عبدالقادر باجمال”، وكان رئيسًا للحكومة وأمينًا عامًا للمؤتمر الشعبي العام -ضمن حوار لصحيفة الجمهورية- عن السبب في انتكاسة المؤتمر في هذه المحافظة العنيدة، وذهابها لتحالف حزبي الإصلاح والاشتراكي، مع أنّها كانت مسرحًا للصراع الأيديولوجي بين الاشتراكيين والإخوان المسلمين في ثمانينات القرن الماضي؛ فأجابني بدبلوماسيته المعهودة حينما يُرِيد التملص من الرد: “قد يكون السبب تنظيميًّا.. وآخر أتصوره إجرائياً؛ لأنه في بعض الحالات مُعظم أبناء بعض المناطق ينتمون إلى مؤسسة واحدة، وفقدوا وجودهم ومصالحهم في هذه المؤسسة، ولو تفتّحت مجالات الحياة الأخرى، واستقطبت منهم أناسًا كثيرين، ربما أصبح الوضع محلولًا”.
عندما أنعمت النظر فيما قاله، أدركت انّ مُشكلة المؤتمر -والرئيس شخصيًّا مع الضالع- تعودُ جذورها إلى حرب صيف 1994 وما تلاها، حيث منح علي عبدالله صالح تمثيل الجنوب للطرف المُنكسر في أحداث (13 يناير/كانون ثاني 1986) الدامية التي نزح فيها قُرابة ثلاثين ألفًا من منتسبي الجيش الجنوبي مُعظمهم من محافظة أبين.. وفي حرب صيف 1994 التي شارك مُعظمهم فيها كان لهم الفضل في إضفاء الصبغة الشرعية على انتصاره على خصومه وخصومهم؛ فمنحهم نسبة من السلطة أقل مما كانت عليه إبان فترة التقاسم مع الحزب الاشتراكي، ومع نشوة النصر وقَعت الحكومات المتعاقبة في فخ الفرز والتهميش للتيار المناوئ للطرف المنتصر. وصار الإقصاء سيد الموقف؛ فتسبب في تسريح وإحالة قرابة مئتي ألف جنوبي من المدنيين والعسكريين إلى التقاعد، قدّر عددهم الدكتور “محمد حسين حلبوب” الرئيس الحالي لمجلس إدارة البنك الأهلي في دراسة قدمها لمؤتمر الحوار الوطني بـ (113604) جنديًّا وضابطًا، و(60812) موظفًا مدنيًا منهم (24,601) أُعتبروا عمالة فائضة، و(12,457) أحيلوا للتقاعد قبل بلوغهم المدة القانونية، و(19,437) أحيلوا للتقاعد ضمن كشوف الاستراتيجية بعد تطبيقها في محافظات الجنوب و(4,275) في السلطة المركزية.
والمؤكد أنّ مُعظم المُسرحين العسكريين كانوا من أبناء محافظة الضالع، وبسبب ضيق العيش صار أكثرهم يعملون في مهن بسيطة ومتواضعة، لا تفي بتوفير القوت الضروري لأسرهم، وهو أمرٌ بالغ الغبن والخطورة، أمّا المحظوظون منهم فقد استجابوا لمبادرة حكيم العرب الشيخ زايد بن سلطان، باستضافتهم في دولة الإمارات مع فتح أبواب العمل المختلفة أمامهم.. وكان ذلك قرارًا شُجاعًا سعى من خلاله لتضميد جرح الجنوبيين؛ حتى يحين الوقت الملائم لمعالجة المشكلة اليمنية بشكل جذري وحاسم، بدلالة بقاء علاقته بالرئيس صالح قوية ومُتميزة حتى وفاته في (نوفمبر/تشرين ثاني 2004). علمًا بأنّه استضاف أيضًا الرئيس الجنوبي الأسبق “علي ناصر محمد”، بعد اشتراط أمين عام الحزب الاشتراكي علي سالم البيض عدم بقائه في صنعاء للتوقيع على اتفاقية الوحدة.
كان باجمال يُرِيد توصيل رسالة مفادها أنّ المؤتمر سيتجاوز هذه المعضلة، إذا ما عمل رئيسه على توسيع دائرة التمثيل السياسي للجنوب؛ لتشمل كل القوى المؤثرة، بخاصة أنّ قراره بتحويل منطقة الضالع إلى مُحافظة في (28 يوليو/تموز 1998م) لم يكن كافيًا لإنصافها، بل إنّه تحوّل إلى مُحاكمة للنظام في كتابات وخطابات الإخوة الجنوبيين من خلال مقارنتهم لها بمحافظة عمران، مسقط رأس الشيخ عبدالله الأحمر، التي شهدت نهضة عمرانية وتنموية أكثر من الضالع.. مع أنّهما تحوّلتا إلى مُحافظتين في نفس اليَوم وبقرار جمهوري واحد.
ومن الواضح أنَّ إجابته المُقتضبة والملغزة كانت تتفادى إثارة أي حساسية لدى نائب الرئيس والمنطقة التي ينتمي إليها.. ومع ذلك فقد أُطيح به من منصبه في (أبريل/نيسان 2007م) لأسباب كثيرة تداولتها وسائل الإعلام… لكنها لم تذكر من ضمنها: إعلان جمعية المتقاعدين العسكريين -بقيادة العميد الشبواني ناصر النوبة العولقي- عن بدء نشاطها قبل إقالته بأيام. وأحسب أنّ ذلك، إضافة لما ذكرته تسريبات الصحف، كان القشة الأخيرة التي أزاحت باجمال؛ ليفسح المجال لجنوبيّ آخر تم الإجماع عليه بعد قُرابة شهر من التداول، هو (الدكتور علي مُجوّر)، المنحدر من عوالق شبوة أيضًا، في بادرة أُريد منها احتواء وتدجين الجمعية، ما لم فإضعافها على الأقل. ولعلّ التصريح الناري الذي أطلقه باجمال في سبتمبر/أيلول بعد خمسة أشهر من إقالته عبر صحيفة الخليج الإماراتية، من موقعه في قيادة المؤتمر الشعبي العام: “بأن المؤتمريين في الجنوب سيقاتلون من أجل الوحدة” يؤكد ما ذهبنا إليه، بخاصة بعد ما قيل عن عجز مُجور في احتواء الجنوبيين!!
كانت مظلومية الجنوب قد اختطت مسارها في الداخل، مع نهاية الحرب عام 1995، من خلال تصريحات القياديين الجنوبيين: محمد حيدرة مسدوس وحسن باعوم حول إصلاح مسار الوحدة، وكتابات الدكتور أبوبكر السقاف.. وفِي عام 1996 أسهم القيادي العسكري من الضالع عيدروس الزبيدي بعد خروجه من صنعاء وعودته من جيبوتي في تأسيس حركة (حتم)، ضمّت مجاميع عسكرية تسعى لتقرير المصير، وقبلها برزت من الخارج حركتا موج وتاج المُطالبتان بالانفصال، ويعتقد الباحثون في مظلمة الجنوب أنّ البدية المؤثرة في مسار القضية الجنوبية، تبلورت مع دعوة الرئيس الجنوبي الأسبق علي ناصر محمد للجنوبيين إلى التصالح والتسامح، وانعقاد مُلتقيات ضمت فرقاء وضحايا الحروب من الإخوة الجنوبيين تم تدشينها في (13يناير/كانون ثاني 2006م) الموافق للذكرى الثلاثين لحرب الرفاق المشؤومة عام 1986م وتوالت لقاءاتهم في جمعية ردفان في عدن، حتى اتفقوا على تشكيل جمعيات حقوقية لمختلف التكوينات الجنوبية.. برز منها جمعية المتقاعدين العسكريين، التي كان معظم مُنتسبيها من منطقتي الضالع ويافع المهزومتين في حرب 1994، ومع هذا دفعوا بالعميد ناصر النوبة وهو من شبوة لقيادتها بغرض إرباك السلطة ولكي لا يظهر الأمر على أنّه تيار مهزوم يحاول النهوض، ولخصت مطالبها بإعادة “العسكريين المُحالين للتقاعد المبكر” إلى أعمالهم، و تحسين مرتبات المتقاعدين (الذين كانت رواتب كبار العسكريين منهم لا تتعدى راتب الجندي في بداية خدمته)، وقضايا نهب البيوت والأراضي وتوزيعها كهِبات ومكافآت، ودشنت ما صار يُعرف بالحراك الجنوبي السلمي في (7يوليو/ تموز 2007) عبر مُظاهرتين في محافظتي الضالع وعدن، سبقهما مهرجان نظمته أحزاب اللقاء المشترك في مدينة الضالع، بعد سقوط مُرشحها فيصل بن شملان في الانتخابات الرئاسية، حاولت تلك الأحزاب “ركوب موجة القضية الجنوبية”، مع أنّ أكبرها كان شريكًا فعليًّا في تقاسم ونهب أرض الجنوب! وأثنوا في المهرجان على موقف علي سالم البيض في 1994، كما هددوا عبثًا بمواجهة نظام صالح مُستلهمين تجربة الحوثيين.
لم يأخذ الرئيس صالح موضوع فك الارتباط بشكل جدي، واعتبره مُندرجًا في إطار الضغوطات المطلبية، لكنه قام بتشكيل لجنة -برئاسة الدكتور صالح باصرة- من ستة أعضاء، ضم إليهم لاحقًا عبدالقادر هلال.. بدأت عملها في (25 يوليو/حزيران 2007م)، وعلى مدى أربعة أسابيع عقدت أكثر من 35 لقاءً مع المعنيين من مختلف الشرائح، في محافظات عدن وأبين ولحج والضالع، وخرجت بتقريرها الذي عُرف بتقرير (هلال-باصرة) مُتضمنًا مُعالجات أولية للمشكلة، سلمَته -حسب توجيهات رئيس الجمهورية- لرئيس الحكومة (علي مُجَوَّر)، على اعتبار أنّه جنوبي وله صلاحيات بحكم منصبه، ويحظى بدعم رئاسي يُتيح له حلحلة الأزمة، إلاّ أنّ رئيس الحكومة تردد في تنفيذ التوصيات توجسًا من مراكز القوى المقربة من الرئيس أو المُختَلفةِ معه، ولم يكن عند مستوى التحدي وآثر رفع التقرير للرئيس. وتمّ ذلك في نهاية شهر (أغسطس/آب 2007م) في لقاء دعا له (صالح) نائبه هادي إضافة لأعضاء اللجنة ورئيسها، كما حرص فيه على حضور علي محسن الأحمر (وكأنّه كان يُرِيد وضعه أمام الأمر الواقع؛ ليساعده في حل الإشكالية التي كان هو وبعض المحسوبين عليه جزءًا منها قبل أن تستفحل ويصعب حلها) وأبدى أمامهم تحمسه لتنفيذ ما جاء في التقرير من معالجاتٍ وتوصيات، شملتها عشرين نقطة، كما طلب من نائبه حينها النزول إلى عدن وبعض المحافظات الجنوبية، على رأس لجنة؛ لهدم أسوار الأراضي ذات المساحات الواسعة.. إلاّ أنّه تراجع إثر ضغوطات مورست عليه، وتطمينات تلقاها من نخبته الحاكمة.. هونت له ما تحدّث عنه التقرير من مخاطر، واعتبرتها تهويلات لها مآرب لا علاقة لها بمظالم الجنوبيين. مما استدعى باصرة – في حوار أجراه معه الزميل (نبيل الصوفي) رئيس تحرير (نيوزيمن) – للتصريح بأنّ على الرئيس الاختيار بين شعبه وبين (16) متنفذًا!!
وأثار حديثه بلبلة وسخطًا لدى الرأي العام الجنوبي والجهات المعنية، وفي (2013م) قال باصرة لصحيفة (اليقين): الرقم (16) كان رقمًا رمزيًّا وليس الرقم الفعلي (هل كان يقصد بذلك تشبيه المتسببين بأزمة الجنوب بقائمة الـ16 المتهمة بالانفصال بعد حرب 1994؟). كما أعلن بأنّهم أكثر من 60 شخصًا.
خروج المتقاعدين العسكريين أعطى القضية الجنوبية زخمًا قويًّا، تجلى في تحويل المطالِب من حقوقية إلى سياسية، والمجاهرة على حذر وخوف في بعض مناطق الضالع وحضرموت بفك الارتباط عن الشمال، وتبعًا لذلك تشكلت خلال عامي (2008-2009م) مكونات جنوبية عدة، ليس هنا مكان حصرها، وما يعنينا فيها هو عودة القيادي حسن باعوم للواجهة، ورفعها لشعار الاستقلال وفكّ الارتباط. وفي 13يناير 2008 كان التحول الحقيقي في خطاب الحراك من حقوقي إلى سياسي وجاهر به الجنوبيون في منتدياتهم وكتاباتهم، إلاّ أنّه تحول إلى الضعف والكمون بعد قيام السلطات باعتقال مجموعة من الكتاب والصحفيين أفرجت عنهم بعد سبعة أشهر في رمضان 2008.. واكتمل المشهد باستعادة الحراك زخمه مع خروج نائب الرئيس الأسبق علي سالم البيض -عشية الاحتفال بالذكرى الـ19 لاعلان الوحدة- إلى العلن؛ لأول مرة بعد 15 عامًا من الصمت والغياب عن المشهد السياسي، ودعا في مؤتمر صحفي عقده في مدينة (ليستبو) النمساوية إلى فك الارتباط، ثم انتقل إلى الضاحية الجنوبية في بيروت.. بعدما نسق له بذلك قيادي وسياسي جنوبي بارز، وافتتح مكتبًا له هناك، رعى من خلاله معظم أنشطة الحراك الموالي له بدعم من إيران، وانضم له لاحقًا القيادي البارز حسن باعوم.. كما دعم تأسيس معسكر تدريبي في الضالع بعد أن سيطر مسلحون من أبناء ردفان ويافع والضالع على مدينة الحبيلين منذ مطلع العام 2009م.
كما أنشأ قناة عدن لايف التي دشنت بثها في 11 فبراير/شباط 2009 من خلال قمر الأنتل سات الأميركي، وفي 5 يناير/كانون ثاني 2010 بثت برامجها عبر القمر المصري النايل سات لمدة 25 يومًا، قبل أن يتدخل النظام في صنعاء محتجًا على بثها، وشرائه التردد الذي كانت تبث عليه.. إلاّ أنها عاودت الظهور على نفس المدار بتاريخ 27 مايو/آيار 2010 من قمر روسي يستخدم نفس مدار النايل سات، وكان لهذه القناة كبير الأثر في كسر حواجز العزلة عن القضية الجنوبية والتعريف بها.
لكنها توقفت قبل أربع سنوات، مع اقتراب دخول الحوثيين إلى صنعاء وخروج البيض من بيروت إلى النمسا في (أغسطس/آب 2014م). وتداول ناشطون جنوبيون معلومات عن خلافه مع طهران بسبب تراجعها عن دعم مشروعه في فك الارتباط عقب استقواء الحوثيين في محافظات الشمال، وقيل إنّ لجوءَهُ لإيران كان بدافع الضرورة، بعد أن أخفقت مساعيه في إقناع دول الخليج بدعمه. وبعد بدء عاصفة الحزم بقيادة السعودية، في اليمن في(26 مارس/آذار 2015)، انتقل إليها ومنها إلى أبو ظبي، مع الحفاظ على ارتباطه السابق، في خطوة يفسرها مراقبون على أنّها وسيلة ضغط أمام إصرار السعودية على تنفيذ مخرجات الحوار الوطني بدعم هادي وحلفائه.
كما يُعَدُّ انعقاد “المؤتمر الجنوبي الأول”، على مدى يومين في القاهرة أواخر (نوفمبر/ تشرين الثاني 2011م)، واختياره قيادة مكونة من 25 عضوًا، برئاسة علي ناصر محمد وحيدر أبو بكر العطاس، علامة هامة وفارقة في مسيرة القضية الجنوبية. يليه عودة القيادي الجنوبي محمد علي أحمد إلى عدن بعد تسلم (عبدربه منصورهادي) مقاليد السلطة وشروعه في تأسيس “مؤتمر شعب الجنوب” في مهرجان سياسي شهدته مدينة عدن، في ظل مباركة من الدولة بعد رفض تيار البيض المشاركة في مؤتمر الحوار، وحمل هذا المُكون الجديد مظلومية الجنوب في مؤتمر الحوار الوطني كما قام بنبش القضايا المسكوت عنها منذ جلاء الاستعمار من عدن، إلاّ أنّ انسحاب مؤسسه (محمد علي أحمد) قبل اختتام المؤتمر تاركاً إياه تحت سيطرة الرئيس هادي ترك استفهامات كثيرة!
بعد الانقلاب على مخرجات الحوار ودخول الحوثيين إلى عدن وتدخل التحالف العربي، تخلخل الحراك الجنوبي وانقسم بخصوص قتال الحوثيين من عدمه، ويعود ذلك لسنوات من التقارب والتفاهم التي كانت بين المُكونين، مما أدى إلى تجاهل السعودية والإمارات لكثير من قياداته باستثناء عيدروس الزبيدي وتقريبها للقيادات السلفية.
ومن مظاهر ارتباك الحراك ما حصل عقب إعلان الرئيس هادي لاستقالته بدقائق.. كان مُضحكاً أن يطل العميد النوبة بعد سنوات من الصمت من على شاشة قناة الجزيرة معلناً الانفصال عن الشمال وفقاً لمخرجات الحوار !!!
وداعياً قيادات المحافظات الجنوبية أن يكونوا على أهبة الاستعداد والجاهزية!
وبدا واضحاً عليه أنّه لم يتلق أوامر (هادي) كما يجب !
ولو كان صدق لكان أفضل له وللجنوب.
أصبحت المظلومية شبحًا مُسيطرًا على كل اليمن.. وفي الجنوب صار صوت المقاومة المدعومة من الإمارات هو الأعلى، بعد إثبات وجودها وسيطرتها على الأرض، وتشكيلها لما صار يُعرف بـ”المجلس الانتقالي الجنوبي” من قيادات عسكرية وسياسية تشمل كل المحافظات الجنوبية، برئاسة اللواء عيدروس الزبيدي، وينوبه الشيخ هاني بن بريك.. ويحظى تقريبًا بدعم غالب قيادات المكونات الجنوبية السابقة، وفِي صدارتهم علي سالم البيض، باستثناء المُكون الذي اتهمه الزبيدي في لقائه قبل أسبوعين مع قناة “أبو ظبي” بالتبعية لإمارة قطر..
وفِي اللقاء ذاته شدّد على تمسك المجلس الانتقالي بمطالبه، في رفض منه لمخرجات الحوار التي يُدندن عليها الرئيس هادي، وأبدى احتجاجه على عدم تمثيل المجلس في محادثات جنيف المزمع عقدها في السادس من سبتمبر/أيلول المقبل، مع تأكيده على أنّ خيارات المجلس مفتوحة بما يحفظ للجنوبيين حقوقهم.
ثمة جنوبيون صاروا يُبدون مخاوفهم من العودة إلى نقطة الصفر، بعد المكتسبات التي حققوها في مساعيهم لفك الارتباط، بسبب ما شهدته محافظاتهم من إحياء للنزعات المناطقية التي تهدد بتحويل الجنوب إلى “جنوبات” متعددة . والطريف أنّ الحراك الحالي عاد مطلبياً كما بدأ وانفصلت عنه أحلام الانفصال .
غير أنّ الواقع يؤكد بأنّ الانفصال صار أمرًا ملموسًا وقائمًا على الأرض.. وحتى الذين يلوحون بوثيقة الحوار الوطني ومخرجاته في شرعية هادي؛ أسهموا كثيرًا في تعميق الشرخ بين اليمنيين، ولَم يتبقّ سوى توقيع الوثائق المؤكدة لذلك، في حال دعمته دول التحالف.
والذين كانوا متشبثين بالوحدة صارت أسمى أمانيهم أن لا تتشظى اليمن أكثر مما هي عليه الآن..لا سيما وأن أبناء الشمال صاروا أكثر حماساً من الجنوبيين لفك الارتباط .
يبحث الناس عن الأمن والسكينة ولقمة العيش، ولتذهب كل شعارات الوحدة الزائفة إلى الجحيم.