مقالات

زيارة في وقتها إلى الحديدة

 


الزيارة التي قام بها رئيس أركان القوات المسلحة في دولة الإمارات العربية المتحدة الفريق الركن حمد محمد ثاني الرميثي، إلى جبهات القتال في الحديدة اليمنية، دليل واضح على الأهمية التي توليها الإمارات لمعركة تحرير المحافظة، خاصة وأنها جاءت في وقت كان فيه الحوثيون يرفضون المساعي الإقليمية والدولية لبدء مشاورات تفضي إلى حل سلمي تدعمه دولة الإمارات والتحالف العربي لدعم الشرعية اليمنية، انطلاقاً من ضرورة أن يدرك الحوثيون أهمية الحوارات السياسية والانحياز لليمن واستقراره عبر الانخراط في مفاوضات جادة تجنب البلاد مخاطر التشرذم والتمزق.


لم تكن الزيارة سوى تأكيد على المواقف الثابتة لدولة الإمارات، المنخرطة في التحالف العربي، الذي يعمل على تحصين اليمن من مخاطر الانجرار وراء أوهام الحوثيين في الارتهان الكامل للعامل الخارجي، المتجسد في المخطط الإيراني بالمنطقة، الذي يعيث خراباً في المنطقة عبر أذرعها الإقليمية، وأبرزها «حزب الله»، الذي لم يتوقف عن تقديم كل ما من شأنه إبقاء الحرائق مشتعلة في اليمن، وتجسد ذلك بشكل علني في لقاء زعيمه حسن نصر الله بوفد من جماعة الحوثي في بيروت، والذي ترجم الرغبة الإيرانية في تعطيل المفاوضات، التي كان مقرراً لها أن تنطلق في جنيف الخميس الماضي عندما رفض مغادرة صنعاء، واضعاً عدداً من الشروط في اللحظات الأخيرة، بهدف إفشال المفاوضات.


لم يشأ الحوثيون، ومعهم حلفاؤهم في كل من طهران والضاحية الجنوبية في بيروت، إدراك أن توقف عملية النصر الذهبي لتحرير الحديدة لم تكن إلا من منطلق المسؤولية التي تحلت بها قوات التحالف العربي لمنح الجهود الأممية فرصة تحقيق تقدم في المشاورات، وإعطاء المبعوث الأممي الخاص إلى اليمن مارتن جريفيث، مساحة لإقناع المتمردين بضرورة الانخراط في عملية سياسية شاملة، أما وقد نكث الحوثيون بما وعدوا به، فقد كان لزاماً على التحالف، وضمنه دولة الإمارات، العودة إلى خيار «التأديب العسكري»، مؤكدة من خلال الزيارة التي قام بها رئيس أركان القوات المسلحة، أن عملية تحرير الحديدة لن تتوقف حتى يتم تحرير المحافظة بالكامل من مسلحي الميليشيات الحوثية.


لقد عكست الروح المعنوية العالية لجنود الإمارات البواسل، المتواجدين على أرض اليمن، إصراراً وعزماً على مواصلة الدفاع عن الحق والواجب والذود عن الشقيق ونصرة المظلوم مهما تطلب ذلك من جهود وتضحيات، وهو ما تربى عليه أبناء زايد، الذين كانوا وسيظلون سنداً لأشقائهم لمساعدتهم في الخروج من المحن التي وجدوا أنفسهم فيها، وذلك يبرز الدور المتميز، الذي خطه مؤسس دولة الإمارات، المغفور له بإذن الله الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، الذي لم تعرفه الشعوب العربية إلا نصيراً لمعاركها ضد الجهل والتخلف.


هذه هي الإمارات وهذا هو دورها الريادي، لهذا تبدو مشاركتها في عملية تحرير الحديدة في اليمن لها قيمتها ورمزيتها، لأنها تمنح اليمنيين رسالة أمل مفادها أن الإمارات معهم ولن تتركهم فريسة لمخططات تهدف إلى تمزيق بلدهم ووضعها في دائرة الارتهان الخارجي.


 


 

زر الذهاب إلى الأعلى