الحديدة.. أم المعارك
معركة الحديدة هي أم المعارك بلا منازع.. فهي معركة فاصلة تخوضها القوات المشتركة بالتعاون مع التحالف العربي لدعم الشرعية ضد أعداء اليمن والمتربصين به وبأمنه وبهويته وبثوابته، فيها يرتسم مصير اليمن السياسي لعقود مقبلة. إنها المعركة الفاصلة التي انتظرها الشعب اليمني بشغف لدحر ميليشيا الحوثي الإيرانية. فالقوات المشتركة أدركت أن ملف الحديدة لن تحسمه إلا فوهات البنادق، بعد إفشال الحوثيين لمشاورات جنيف، ومحاولة إطالة أمد الحرب، فلا يزال الحوثيون مصرين على المماطلة ورفض كل التسويات السلمية وطرح مطالب غير منطقية، ما يعني بالأساس أنهم لن يخرجوا من الحديدة إلا بالقوة بعد استنفاد كل الخيارات الدبلوماسية، ما يحتّم على التحالف العربي والقوات اليمنية المشتركة خوض معركتهم بقوة واقتدار.
وبالتالي فإن التحرك نحو الحديدة بوتيرة عالية، يعني أن خيار الحسم العسكري أصبح الأكثر وضوحاً الآن، وأن التحالف يدرك، أكثر من أي وقت مضى، أنه الخيار الأنسب، لحمل الميليشيا على الاستجابة لنداء السلام. فمعركة الحديدة هي خطوة أخرى مهمّة في طريق طويل اسمه التصدّي لمشروع يقوم على تفتيت العالم العربي لصالح قوة خارجية، عن طريق إثارة النعرات المذهبية.
فاستعادة مدينة الحديدة ومينائها بجهود بطولية من قوات الشرعية اليمنية وقوات التحالف العربي بقيادة المملكة العربية السعودية، ودعم وإسناد كبير من القوات المسلحة الإماراتية، سيمثل انتصاراً كبيراً على إيران ومخططاتها في المنطقة، وتأمين الملاحة في البحر الأحمر، وفتح الميناء أمام العمل الإغاثي والإنساني واستيراد السلع، بعد أن كان مكبلاً على مدى الأعوام الأربعة الماضية من قبل الجماعة الانقلابية.
كما تكمن أهمية تحرير الحديدة من شراذم الحوثيين في أنها ستكون بمنزلة الضربة القاضية التي ستشكل نقطة تحوّل كبرى ومفصلية في إنهاء الانقلاب، وسقوط الميليشيا الحوثية، لما كانت تمثله الحديدة من أهمية استراتيجية لهم، وبالتالي الانطلاق سريعًا نحو تحرير صنعاء وغيرها من المناطق المتبقية تحت نيرهم.
فجماعة الحوثي التي استخدمت الميناء لسنوات عدة في خدمة أجندات خارجية وتهريب السلاح وإطالة أمد الحرب وخراب اليمن وإفقار وتجويع وقتل الشعب اليمني، حان الوقت لمحاسبتها وحملها على الاستجابة للقرارات الدولية، لأن تحرير الحديدة وانتزاعها من أيدي الميليشيا الحوثية يعني خنق هذه الجماعة وعزلها عن محيط هي غريبة عليه، وهو ما سيؤدي في النهاية إلى تقهقرها وانحسارها في منطقة ضيقة وفقدانها لمعظم المناطق التي تسيطر عليها، وهو ما سيعزز فرص السلام في المستقبل القريب، كون ميليشيا إيران ستصبح في وضع حرج وستقبل بأية تسوية سياسية رفضت مراراً الدخول فيها وماطلت حتى تفقدها مضمونها.