تأخر الحسم أم غابت الرؤية ؟

 


من الذي مكّن لمليشيا الكهنوت من دخول صنعاء و السيطرة عليها ؟


من الذين أعانوها ومهدوا لها التمدد السريع  الى المحافظات الأخرى؟


هذان سؤلان، ولكل جواب تفاصيل وسراديب سوداء، وإخفاقات وخيبات؛ سببها الوهم و الظنون.


جوهر الإجابات عن هذين السؤالين بات يعرف مجملها رجل الشارع في اليمن، كما تعرفها النخب في اليمن وخارجه بالتفصيل.


يزعم البعض غرورا وكبرا، أنه قادر على جمع الجن وتفريقهم، وتذهب به هذه الحالة النفسية إلى حدّ أن يزعم في نفسه أنه على كل شيئ قدير، وأن كل خيوط اللعبة بيده، وأن بمقدوره أن ينهي اللعبة في الوقت الذي يريد! وهناك من صدق هذا وبنى على أساسها مواقف ذهبت أدراج الرياح.


ويزعم البعض الآخر – تربصا ومكرا – أن بمقدوره أن يضع سيناريو معينا يحقق له أهداف مخططاته دون عناء؛ ثم يجد نفسه وقد كبلته سيناريوهاته، وأحاطت به مخططاته، ولم يجد غير قبض الريح، وآخرون غرقوا في فخاخ المكايدة والمناكفة، وتصفية الحسابات، فيغيب (مكايدة) عن موقف كان يجب أن يكون حاضرا فيه، أو يتخلى عن واجبه الظاهر لتصفية حساب، يدفع الى اتخاذ قراره الصغار، فيتقبله من تعتقد انهم كبار؛ بهدف كسب ودّ الصغار، ولو على حساب المبادئ والوطن!.


يتفق رأي المراقبين ورأى رجل الشارع البسيط، أن السيناريو الذي وفّر الإمكانات المالية والعسكرية للحوثي، مع من مارس الغدر والخيانة عند تنفيذه، هو ما مكّن الحوثيين من الوصول الى العاصمة صنعاء؛ لتنفيذ أهداف محددة بحسب سيناريو السحرة الذين انقلب السحر عليهم، وما يزال مسّه يصيبهم بالصرع.. ساهم في هذه الطبخة كثيرون، وموّلها البله، ورقصت إيران طربا، وفركت كفيها فرحا، غير أن الطبخة السامة لم ينل المطبوخ له منها إلا الأقل، وشرب مقلبها مُعدّوها، الذين كانوا أكثر بلاهة وسخفا من تلك العجوز الحمقاء التي أشفقت على جرو ذئب صغير، فأخذته لتربيه على حليب شاة لها، فلما شبّ افترس الشاة، فراحت تولول:


 أكلت شويهتي وفجعت قلبي


ومن أدراك أن  أباك ذيب !


الذئب المستأجَر لم يلتهم – فقط- ما حددته سذاجة واضعي السيناريو، بل التهم حتى الطباخين.


وسرعان ما استأسد الذئب الأجرب، وما كان أسدا يوما، ولكن عقلية المكر والتربص، وخذلان المناكف، وغياب الرؤية الواضحة تُهيء فرصا عديدة لأي ذئب أو ثعلب أن يستأسد:


إذا غاب الزئير عن الأسود   تعالى في سما الغاب النباح


وإذا قُيّدت الأسود، أو غُيّبت، تبخترت الثعالب :


أمن العدل أنهم يردون الماء صفوا وأن يُكدّر وِردي


أمن الحق أنهم يطلقون الأُسد  منهم وأن تُقيد أُسدي


عندما تكون الرؤية واضحة يكون السير منضبطا ومحققا لأهدافها، وحين تغيب الرؤية؛ تسود العشوائية والتخبط التي تعطي نتيجة انقلاب السحر  .


اليمن فيما تواجهه اليوم تعتبر موقعا أماميا ومتقدما من مواقع الأمن القومي العربي، ليس للجزيرة والخليج فحسب، ولكن للوطن العربي كله أمام عدوانية المشروع الإيراني.


كان المؤمل أن تقف الدول العربية كافة موقفا حازما في مساندة اليمن والدعم في تنفيذ مخرجات الحوار الوطني، ولو أنها فعلت لكان الجميع في غنى عما وصلنا إليه، لكن – للأسف – كثير منها باركت وسكنت، وربما قليل منها جرتها حسابات غير دقيقة.. وأما الدول الراعية التي توعدت بعقاب كل من يعرقل مسار التسوية السياسية، فلم يكن منها غير بيانات هلامية ومائعة، مثلت إغراء وتشجيعا لمليشيا الكهنوت وحليفها.


من المهم والمهم جدا أن تكون هناك رؤية شاملة وواضحة بين السلطة الشرعية في اليمن و بين دول التحالف العربي، وأن يمضي الجميع لحسم الأمر يدا بيد نحو سحق المخاطر والمهددات التي تهدد الجميع، وحتى لا يذهب الدعم السخي والجهود الجبارة للتحالف العربي سدى.


 

Exit mobile version