سَبعُ اليمن العِجاف: انقلاب سبتمبر بدأ في فبراير واستُكمل في ديسمبر!

 


انقلاب سبتمبر 2014 في اليمن بدأ في فبراير2011، ومن هناك بدأ كل شيء من “إسقاط النظام” إلى إسقاط العاصمة والدولة.


وخلال 2012 و2013 كانت صرخة “استكمال أهداف الثورة” تتزامن مع فعاليات الحوار الوطني وحكومة الوفاق والرئيس التوافقي.


و”استكمال أهداف الثورة” بالمثل، لم يكن يعني سوى إسقاط التوافق الانتقالي الذي دشنته المبادرة الخليجية الموقعة وآليتها المغدورة تماماً من أول بند في رأس القائمة والمتمثل بتشكيل “لجنة التفسير” التي لم تتشكل منذ التوقيع وإلى اليوم.


اقتضى نزق استمرارية الثورة المزعومة، واستكمال أهدافها الإتيان على المؤسسات تحت شعار/ صرخة “تطهير المؤسسات” مدنياً، ومروراً بـ”إعادة الهيكلة” عسكرياً وأمنياً.


ولهذه الغايات النزقة المقوضة للتوافق سُيرت المظاهرات، وأقيمت الجُمع في الساحات، واعتلى المنابر للتحريض والصراخ خطباء -من شاكلة خطيب جمعة “رفض الوصاية السعودية”، قبل أن يقفز إلى السعودية متحللاً وإخوانه من مسئولية تقويض الدولة والسلطة الانتقالية والمؤسسات والجيش وتسليم العهدة للوجه الآخر من العملة/ الثورة والصرخة.


وخلال ذلك كله تمددت صرخة الموت والإقصاء إلى فعاليات ومداولات ورشة الحوار الوطني، بل وإلى مشروع الدستور. وكانت الصيغ المقدمة تشخصن النص الدستوري بطريقة فجّة ولا مثيل لها بحيث إنه يجب أن ينص دستورياً على منع وحرمان فلان وفلان وفلان من ممارسة حقوقهم في الحياة العامة والمشاركة السياسية والوظيفة العامة مدنياً وعسكرياً.


هدم ونسف التوافق ترافق تماماً مع هدم ونسف المؤسسات والسلطات أو ما تبقى منها.


 


بالتزامن كان الحوثيون يتمددون على مقتضى “أهداف الثورة” المستمرة وينجزون جانبهم من الأهداف في طريقهم إلى عمران وصنعاء.


 


وبينما تكرس جدل الإقصاء وعلت صرخة وعنوان “الاجتثات” ضد شريك التوافق وفي مداولات حوار الموفنبيك الممدد، علت أيضاً صرخة فاضحة ومدوية إلى مطالبة الحوار والمتحاورين ومشروع الدستور بالنص على منح الحوثيين “الخمس” من مدخلات وموارد الدولة!


 


استكمال الأهداف على هذا المنوال أتى أكله وصولاً إلى سبتمبر 2014 تحت بصر (وحياد) حكومة وسلطة مخرجات 2011.


في ديسمبر 2017 كان الهدف النهائي المشترك “الاجتثاث” يتحقق بطريقة من استكملوا “الهدف” أخيراً ! كان رأس الرئيس علي عبدالله صالح هو الهدف الغائي لجماعتين يجمعهما في النهاية ما يجمع بين قطر وإيران!


سبع عجاف أكملت دورتها في اليمن وعلى رؤوس اليمنيين. ينبغي أن تبدأ دورة أخرى. ولكن ليس على مقتضى الخديعة أو كما يُراد للأمور أن تذهب رغماً عن منطق الأشياء بالضرورة.


 


في جميع الأحوال تعرف ما يقال: “فتش عن قطر”. تمويلات وأموال أمراء وشيوخ الغاز المسال غذّت وتكفلت بتعذية واستمرارية ساحات 2011 والمتعهدين المحليين لها.


 


مئات الملايين من الدولارات كانت تُضخ شهرياً باسم “الثورة”. نفس الأموال مولت سراً وعلانية الحوثيين منذ الحرب السادسة على الأقل.


ثمة معضلة وإشكالية حقيقية في التعامل مع كل هذه المعطيات وغيرها وكأنها ليست شيئاً أو لم تكن. مثلما يصعب التخلي عن ممارسة حق الاندهاش العلني والمسموع والمقروء، حيال لاعبين يلعبون في اتجاهين معاً. ومتقاولين مع التحالف ومع الحلفاء المناهضين للتحالف. ومع أن الصورة واضحة والواقع أصدق فأنت متهم بالافتراء والاجتراء على طيور الجنة.


هكذا قيل دائماً على أية حال في مواجهة كل ناقد أو مندهش حتى. كيف يمكن أن نلغي الذاكرة القريبة؛ منذ أول يوم جاهروا العالم بإنكار أن ثمة مشكلة حقيقية اسمها الحوثي، وأنه وبمجرد إسقاط النظام ستنتهي مشكلة صعدة و”الناس أخوة” أو قال “الناس إخوان” (…). وأكثر، قالوا إنهم يضمنون ذلك!


 


من دون مراجعة ونقد ما حدث وكيف ولماذا حدث، بتجرد وبصوت مسموع، فإنه يصعب المضي قدماً دونما استحضار الهواجس والشكوك إزاء التهريج الممنهج الذي يزاوله آباء وسدنة ومنظرو الانقلاب.


 


سوف يبقى الأمر مدعاة للتوجس وبما يكرس انطباعاً مفاده: إن المطلوب، أو كأن المطلوب هو حشد وتوجيه مجهودات وتحالف مواجهة الانقلاب نحو غايات ملتبسة وأخذ الأمور برمتها إلى مكان آخر… يكرس الاستنزاف، بعناية، لمقدرات وطاقات الجميع. وبالمزامنة ثمة مسار جانبي يؤدي إلى النتيجة المقدرة وهي ليست سوى المقدمة الأولى “الناس إخوة/ إخوان”!


 


 


 

Exit mobile version