تسييس «حقوق الإنسان»

 


اكتسبت قضية حقوق الإنسان، عبر تاريخها، أهميتها المتعاظمة، من ضرورتها، كما من استقلالها وحيادها، حيث العدل لا يحضر أو يستقيم من الانحياز والأحكام المسبقة، وحيث العدل يفترض الصدقية والإخلاص أولاً، ثم الاستناد إلى المنطق والدليل والبرهان والحجة الدامغة، وفيما تصر كل القوانين والدساتير على ذلك باعتباره حقاً مطلقاً، تتسع في السنوات الأخيرة، وفي الآونة الأخيرة خصوصاً، المنطقة الرمادية في عنوان «حقوق الإنسان»، محولة المفهوم ذاته إلى مفهوم ملتبس، وفي بعض الأحيان، هش، وغير قادر على بث القوة والثقة والطمأنينة.


وفي الآونة الأخيرة، انتشرت ما يمكن تسميتها «ظاهرة تسييس حقوق الإنسان»، وكأن حقوق الإنسان فزاعة أو شماعة، وكأنها تمثل في نظر المنظمات والأحزاب والفئات إياها، السبب الجاهز، ولو انبنى على الوهم، أو حتى الكراهية والعصبية والحقد والتمييز، لشن الحملات المغرضة على هذه الدولة أو تلك، خصوصاً حين تستخدم منظمات السوء «كليشيهات» اللغة النمطية التي أصبحت ممجوجة من فرط تكرارها، وكلما طرأ خلاف سياسي، استيقظ غول المنظمات المشبوهة والدول المشبوهة، مستغلاً قضية حقوق الإنسان، عبر افتراءات وأكاذيب ومبالغات، محاولاً، في الوقت نفسه، التعتيم على نقطة أو نقاط الخلاف الأصلية.


الشواهد على ذلك كثيرة، لكن الشاهد الصارخ هنا إثارة موضوع حقوق الإنسان في اليمن وربطه بالحرب على عصابة الحوثي الإيرانية، وبالجهود المشهودة، عسكرياً وسياسياً وإنسانياً، نحو إعادة بسط الشرعية على كامل التراب اليمني، وتحقيق الحياة الحرة الكريمة للشعب اليمني الشقيق.


ذلك، في الاختصار الدال، مسعى التحالف العربي بقيادة المملكة العربية السعودية الشقيقة، وبالمشاركة الفعالة والمؤثرة من دولة الإمارات، فالتحالف لم يذهب إلى هناك إلا لإنقاذ اليمن والشعب اليمني وحقوق الإنسان اليمني من براثن الحوثي الذي شن على الشرعية انقلابه المشؤوم، وحارب اليمن وشعبه بالوكالة عن إيران وذيولها في المنطقة.


وحين تقف دولة الإمارات مع حقوق الإنسان في اليمن، فإنها تنطلق من موقف مبدئي ثابت بعيداً عن السياسة المتغيرة بسبب من طبيعتها. الإمارات مع الدعم الكامل، بأشكاله ووسائله كافة، لقضية حقوق الإنسان في اليمن، وستتعاون نحو إنجاح ذلك، ضمن التحالف والشرعية اليمنية، مع مكتب المفوضية السامية واللجنة الوطنية اليمنية، لكنها لا يمكن أن تقبل التقارير المغلوطة والملوّنة والمنحازة، فهذه ضد قيم وأخلاق الإمارات، وضد فكرة حقوق الإنسان من أساسها.


لقد عانت منطقتنا والعالم كثيراً من ظاهرة تسييس حقوق الإنسان من قبل من يريد تحويل قضية حقوق الإنسان إلى وسيلة وأداة بدل أن تكون غاية مطلقة وهدفاً نبيلاً لا يقبل المساومة، ولا يتحمل تقلبات أسواق السياسة.


 


 

Exit mobile version