مقالات

​تجارة حقوق الإنسان

 


بعد الانقسام الواضح الذي شهدته اجتماعات مجلس حقوق الإنسان الدولي في جنيف حول ملف حقوق الإنسان في اليمن بات من المهم أن يعيد المجتمع الدولي النظر في الكثير من المنظمات والمجالس التي تتخذ صفة الأممية، إضافة إلى مراجعة شاملة لآليات عملها وطرق اتخاذ قراراتها.


الجدل حول تقرير الخبراء الدوليين وما تضمنه من معلومات مغلوطة تعكس انحيازه الواضح لميليشيات الحوثي الإرهابية المتسبب الأول والأخير في معاناة الإنسان اليمني لم يكن وليد اللحظة حيث كان محل اعتراض الحكومة اليمنية الشرعية ودول التحالف العربي منذ اليوم الأول لعمل هذا الفريق.


26 دولة من أصل 47 سجلت اعتراضها بين الرفض وعدم التصويت على قرار تمديد عمل فريق الخبراء الأممين بعد أن طفح الكيل من تجاوزاته لمعايير المهنية والحياد وتستره على الفظائع التي ترتكبها الجماعة الحوثية الإرهابية المدعومة من إيران في حق اليمنيين، إضافة إلى تجاهله لكافة الأدلة على الدور الإيراني في معاناتهم.


فقد غابت عن سطور هذا التقرير على سبيل المثال أي إشارة إلى دعم طهران للميليشيات الحوثية التابعة له بكافة أنواع الأسلحة والصواريخ الباليستية التي استهدفت المدنيين في اليمن والأراضي السعودية، كما غض الخبراء الذين كتبوه الطرف عن قيام الحوثي بإعاقة وحجز قوافل المساعدات والإغاثة وناقلات النفط.. وهي مجرد أمثلة لا تحتاج إلى جهد كبير للتحقق أو حتى الوقوف على آثارها.


الحصيلة الأخيرة التي خرجت بها هذه الاجتماعات تعكس نظرة الأمم المتحدة ومجلسها لحقوق الإنسان تجاه الأزمة اليمنية حيث خلقت مناخاً جديداً يتنافى مع قرارات مجلس الأمن الدولي وفي مقدمتها القرار 2216، وهو ما يعني منح الضوء الأخضر للحوثي وإيران لممارسة المزيد من جرائم الحرب في حق المدنيين.


في المقابل، فإن الحكومة اليمنية والتي تمثل الشرعية في الدولة المعنية بهذا القرار ترى ومن خلال تجربتها المريرة مع المنظمات الدولية أن لا جدوى من أي تقرير افتقد لأهم معايير التحقيق وهو الحياد، وبالتالي فإنها لن تتعاون مستقبلاً مع فريق الخبراء الذي ذهب بعيداً في تجاوزاته، واعتبرت أن ذلك سيؤثر سلباً على الآليات الوطنية للوصول والمحاسبة وتحقيق العدالة.


العالم يعيش خيبة أمل متجددة من ضعف وترهل الأمم المتحدة والمنظمات المنبثقة عنها، وغياب العدالة والمساواة عن الكثير من أعمالها وبرامجها، فمنذ تأسيسها منتصف القرن الماضي وحتى الآن وهي تدور في فلك الأقوى وتتاجر بدم الضعيف لتحقيق أغراض سياسية على حساب الإنسان وحقوقه التي باتت مجرد أوراق ضغط لتمرير أجندات مشبوهة.


 


 

زر الذهاب إلى الأعلى