مقالات

الحوثيون.. ثنائية «الجوع والقمع»

 


عكست الإجراءات التي اتخذتها الميليشيات الحوثية الموالية لإيران، خلال الأيام القليلة الماضية لمواجهة ثورة الجياع، حالة من الرعب التي صارت تطاردها منذ انقلابها على السلطة عام 2014، لشعورها أن وقت لفظها من الشعب اليمني قد أزف، إذ استخدمت الميليشيات القوة الغاشمة لتحول دون قيام المواطنين بالتعبير عن آرائهم بالتظاهر احتجاجاً على سياسة التجويع التي تمارسها في المناطق التي تقع تحت سيطرتها.


لم يحدث طوال تاريخ اليمن أن استخدمت السلطات الأمنية القوة المفرطة ضد المواطنين بمثل ما قامت وتقوم به الميليشيات الحوثية، حيث تعدى الأمر إلى انتهاك أخلاقي وقيمي لم يعرفه اليمنيون، وصل إلى حد الاعتداء على النساء من قبل قوات الأمن والفرق النسائية المعروفة باسم «الزينبيات»، التي قامت بمداهمة جامعة صنعاء واعتقال الطالبات من داخلها وملاحقة المتظاهرات في الشوارع، حيث شوهدت «الزينبيات»، وهن يقمن بضرب النساء بالهراوات والعصي الكهربائية.


لا ترغب الميليشيات الحوثية في ارتفاع أي صوت معارض لها، وهي بذلك تعاكس ما أقدمت عليه في 2014 عندما كان أنصارها يعتصمون في شوارع العاصمة احتجاجاً على رفع أسعار المشتقات النفطية، بل إنها فرضت حصاراً على منافذ العاصمة، رافعة شعار «حرية التظاهر»، وهو ما ترفضه اليوم تحت حجة «منع الفوضى»، وفيما لم تتعرض السلطات الأمنية حينها لأنصارها، وتركت لهم حرية التظاهر، فإن ما أقدمت وتقدم عليه الميليشيات اليوم لا يعكس سوى التوحش الذي يعكس رغبة في إسكات الأصوات المعارضة لسياساتها القمعية، حيث حولت صنعاء إلى سجن كبير.


لقد راهنت الميليشيات على القوة لفرض مشروعها الذي ترفضه أغلبية الشعب اليمني، وهي تدرك تمام الإدراك أن هذه القوة لن تدوم، لهذا جاء سلوكها في الأيام القليلة الماضية انعكاساً لشعورها بأن الشعب يرفض مشروعها المبني على وهم «الاصطفاء الإلهي»، الذي تروّج له الجماعة، والذي اتضح أنه مشروع لتسويق سيطرتها على مقدرات اليمنيين، إذ إن الحقيقة الثابتة أن الميليشيات، المرتبطة بمشروع وفكر وأجندة خارجية، لا ترغب في أن تنعم البلاد بالأمن والاستقرار، بل في تمرير مشروع يريد إبقاء اليمن رهينة لأطماع خارجية، وأثبتت أنها مجرد ورقة في أيدي نظام الملالي في إيران، ولا تريد من وراء ارتهانها سوى أن يبقى اليمن ساحة لحرب طويلة الأمد، واتخذت ثنائية «التجويع والقمع» سياسة لمواصلة سيطرتها على اليمن بالقوة.


الهيستيريا التي ظهرت عليها الميليشيات الحوثية في صنعاء في قمعها ثورة الجياع، بعد أن فشلت في توفير الحياة الكريمة للمواطنين في المناطق التي تقع تحت سيطرتها، تؤكد ما ذهب إليه الكثير من القوى السياسية في الداخل والخارج، أن ما من مشروع لدى هذه الجماعة سوى الرغبة في استعادة حكم الأئمة الذي لفظه اليمنيون في ثورتهم قبل 55 عاماً ولا يريدون أن يعود ثانية عبر أياد خارجية.


 


 

زر الذهاب إلى الأعلى