محليات

حين تكون مشاريع الموت سلعة المليشيا الوحيدة.. المقابر والأرامل أبرز انجازات الانقلاب في 3 سنوات!

 


في جولة الرويشان بالعاصمة صنعاء عُلّقت لوحتان كبيرتان عليهما صور من تسميهم مليشيا الحوثي (الذراع الإيرانية في اليمن) شهداءها من مديرية الوحدة والبالغ عددهم (104) قتلى معظمهم من الأطفال.


المشهد يتكرر بشكل أكبر في مدخل جامعة صنعاء، التي تعد أكبر وأهم الجامعات اليمنية، جعلها تتحول من منارة للعلم والتنوير إلى مقبرة للفكر والثقافة، ومجرد مكان تستخدمه المليشيا لنشر فكرها المذهبي العنصري الطائفي المقيت.


مشاهد وصور القتلى الذين زجت بهم المليشيا الحوثية في حربها الممتدة منذ ثلاث سنوات تنتشر في شوارع العاصمة صنعاء والمناطق التي تسيطر عليها بشكل غير مسبوق يؤكد أن المليشيات الحوثية لا تحمل سوى مشروع الموت والقتل والدمار.


منجزات المقابر


منذ اقتحام المليشيات الحوثية للعاصمة صنعاء وسيطرتها على مؤسسات الدولة وحتى قبل ذلك، عمدت لتنفيذ مشروع تجنيد وتجهيز المقاتلين وإرسالهم إلى جبهات القتال بشكل يومي، وهو الأمر الذي أدى إلى تحول هؤلاء المقاتلين إلى أدوات لتنفيذ مشروع المليشيات المذهبي والطائفي وسقوطهم ما بين قتيل وجريح.


مقابر الحوثي.. تزيين الموت لديمومة السلطة


وعلى مدى السنوات الثلاث عمت مختلف المدن، التي سيطرت عليها مليشيات الحوثي، مشاهد الدم والقتل والدمار، لكن أكثر تلك المشاهد سيظل هو افتتاح المقابر التي تضم جثث قتلاها.


وعلى الرغم من عدم وجود إحصائية دقيقة بعدد المقابر التي افتتحتها مليشيات الحوثية خلال السنوات الثلاث، إلا أن مصادر مقربة من جماعة الحوثي أكدت لنيوزيمن أن المليشيات افتتحت ما يربو عن 70 مقبرة موزعة على العاصمة صنعاء ومحافظات صنعاء وصعدة وعمران وذمار وحجة والمحويت وإب بدرجة رئيسة.


 


أسلوب حزب الله وإيران


وعمدت المليشيات الحوثية إلى استخدام أسلوب حزب الله اللبناني في إضفاء البروباجندا الدينية على موضوع مقابر قتلاها من خلال تسميتها (روضة الشهداء) وهو ذات الاسم الذي يستخدمه حزب الله اللبناني، كما عمدت المليشيات أيضاً إلى استخدام ذات الطريقة الإعلامية في توثيق ونشر أسماء صور قتلاها في وسائل إعلامها كما هو الحال لدى حزب الله اللبناني.


ويقول قيادي قبلي مقرب من الحوثيين لنيوزيمن، إن تسمية (روضة الشهداء) وبقدر ما هي تقليد لطريقة حزب الله اللبناني إلا أنها في الأساس فكرة جاءت من إيران وتكشف حقيقة التبعية والعمالة التي تدين بها المليشيا الحوثية لفكر المرشد الإيراني وأهداف إيران في التوسع في المنطقة.


ويصف تزايد المقابر في عهد المليشيات بأنه مذبحة ترتكبها المليشيا الحوثية بحق الشباب والأطفال اليمنيين من خلال زجهم في حروب مذهبية وطائفية وعنصرية لا علاقة لها بشيء سوى بجنون الشهوة على السلطة ومزاعم وأكاذيب الحق الإلهي.


ويضيف القيادي القبلي: عندما تمر في الطريق الرابط بين صنعاء والمحويت أو تلك التي تربط صنعاء والحديدة سترى حجم الكارثة التي صنعتها المليشيا الحوثية، حيث استحدثت مقابر جديدة لقتلاها الذين باتوا بالآلاف ومعظمهم من الأطفال وصغار السن.


ويتابع: إن قيادة المليشيا ممثلة بزعيمها عبدالملك الحوثي تدرك حجم الكارثة، ولذلك تسعى لامتصاص وإشغال القبائل الذين سقط أبناؤهم قتلى في معارك الجماعة من خلال إضفاء الصبغة الدينية ووصف القتلى بالشهداء، وتنظيم ما تسميه المليشيا “أسبوع الشهيد” الذي يتم فيه الاحتفاء بالموت بشكل يكشف مشروع الموت الذي حملته وتحمله هذه الجماعة التي تشتهي رائحة الدماء ومناظر الأشلاء، كما يقول.


وكانت المليشيات الحوثية تستخدم أسلوب الاحتفاء حين تشيع جثث قتلاها من خلال مواكب من السيارات وإطلاق الرصاص الكثيف والزغاريد التي ترددها النسوة (مليشيات حوثيات مسماة بالزينبيات) على أبواب منازل القتلى، لكن هذه الطقوس بدأت تقل بشكل كبير، بل وكادت تختفي باستثناء إطلاق الرصاص بعد تزايد سقوط القتلى من المليشيات في معارك الساحل الغربي والحديدة، لتكتفي حالياً بتعليق صور قتلاها ضمن أسبوع الشهيد أو على سيارات وأطقم تابعة لها.


ويضيف القيادي: في كثير من اللقاءات التي تمت مع قيادات الجماعة الحوثية نصحناهم بالتوقف عن تجنيد الأطفال خصوصاً بعد تزايد التقارير الصادرة عن المنظمات الدولية بهذا الشأن، لكن تلك النصائح قوبلت من قبل القيادات الحوثية بالرفض والتهكم والسخرية في كثير من الأحيان.


وتضمنت عدد من التقارير الصادرة عن منظمات دولية منها بعض المنظمات التابعة للأمم المتحدة وحتى فريق الخبراء الخاص بالعقوبات، انتقادات شديدة للمليشيا الحوثية على خلفية إمعانها بالاستمرار في تجنيد الأطفال والزج بهم في جبهات القتال، وهو الأمر الذي يشكل انتهاكات واضحة لحقوق الإنسان وللمواثيق والأعراف الدولية والاتفاقيات الخاصة بحقوق الأطفال.


منجز الأرامل


وفي المقابل فإن تزايد عدد المقابر في عهد المليشيات الحوثية قابله تزايد في ترمل النساء وفي تزايد فقدانهن لمن يعيلهن سواءً أكانوا من الأزواج أم من أبنائهن.


ويقول القيادي المقرب من المليشيات الحوثية –وهو أحد أبناء محافظة عمران- إن قرى كثيرة أصبحت بدون رجال، ولم يعد فيها سوى النساء.


ويضيف لنيوز يمن: إن تقريراً أمنياً رفع لقيادات المليشيا الحوثية بهذا الشأن وأظهر أن قرى في محافظات صنعاء وخاصة في مديرية بني مطر وأخرى في محافظة عمران أصبح سكانها كلهم من النساء والفتيات ولم يعد فيها رجال أو شبان بسبب ذهابهم ضحايا في المعارك، وأن قيادات المليشيات لم تتخذ بشأنه أي إجراء سوى التوجيه بالضغط على بعض قياداتها في هذه المناطق بالزواج بنساء الذين قتلوا فقط وكثير منهم رفض ذلك.


ويشير القيادي القبلي إلى أن مشائخ القبائل باتوا يدركون خطورة تغير التركيبة الديموغرافية بسبب تزايد القتلى الذين تزج بهم المليشيا في معاركها، إلا أنهم يصمتون عن اتخاذ مواقف رافضة لاستراتيجية المليشيا الحوثية في ممارسة عملية تصفية ممنهجة لأبناء القبائل بسبب حصولهم على مكاسب مالية مقابل اشتراكهم في عملية التجنيد والتحشيد للمليشيا في أوساط القبائل.


وكانت مصادر قبلية حذرت، في تصريحات سابقة لنيوزيمن، من أن بعض القرى ستواجه مشكلة في إيجاد شباب للزواج بفتياتهم مستقبلاً على خلفية سقوط شباب تلك القرى والمناطق قتلى وهم يشاركون في معارك المليشيات الحوثية.


ويختتم القيادي القبلي حديثه لنيوزيمن بالقول، إن المذابح التي ترتكب اليوم بحق الأطفال والشباب من أبناء القبائل ستكون لها نتائج كارثية وخيمة على مستقبل هذه المناطق سواءً على الناحية الديمغرافية أو التعليمية أو التنموية، وهو الأمر الذي ستظهر نتائجه بشكل كبير عقب انتهاء الحرب واستقرار الحياة.


 

زر الذهاب إلى الأعلى