تقارير

تحقيق امريكي سرِّي يكشف تفاصيل اختلاس وسرقة ونهب الحوثي للإغاثة وإساءتهم لملايين اليمنيين الذين تفتك بهم المجاعة

 


أجرت شبكة “سي إن إن” الإخبارية الأميركية تحقيقاً سرياً شاملاً، لتقصي اختلاسات وسرقة ونهب ميليشيا الحوثي -الذراع الإيرانية في اليمن- للإغاثة الدولية وإساءتهم في معاملة ملايين اليمنيين الذين تفتك بهم المجاعة.


ويبدأ التحقيق من مديرية بني قيس، الواقعة تحت سيطرة الحوثيين، بعرض صورة لطفلة رقيقة، عمرها عامان، ما زالت تحبو، اسمها إسهام بشير، يحاول العالم مساعدتها هي ونحو 16 مليون شخص يتعرضون للمجاعة في اليمن عن طريق إرسال المعونات الغذائية.


ولكن، وفقاً لتقارير الأمم المتحدة وتقارير “سي إن إن” من أرض الواقع، فإن بعضاً من تلك الشحنات الغذائية يقوم عناصر الحوثي، الموالون لإيران، بسرقتها على نطاق أكبر بكثير مما تم الإبلاغ عنه من قبل.


في العام الماضي، كشفت الأمم المتحدة فقدان نحو 1% من المساعدات، مع الإقرار بوجود نطاق واسع من إساءة المعاملة.


ولكن توصل التحقيق السري لشبكة “سي إن إن” إلى أن عشرات المناطق في اليمن، التي دمرتها الحرب تسلمت المعونات الغذائية على الأوراق فقط، وأن الآلاف من الأسر المتضررة لم تصلها المعونات على أرض الواقع.


وتحوم الشبهات، بحسب شكوك الأمم المتحدة، بأن شحنات المعونات الغذائية يتم تحويلها إلى عناصر ميليشيات الحوثي ومؤيديهم بدلا من الأطفال الذين يتضورون جوعاً، وينكر الحوثيون ومسؤولوهم ارتكاب هذه الجريمة، بل إن مديرا حوثيا لتنسيق المساعدات وصف تلك المزاعم بأنها “جنونية”.


فعلى سبيل المثال، لم تتلق إسهام عصام ولا أهل بني قيس في شمال غرب اليمن، إحدى المناطق الواقعة تحت سيطرة ميليشيات الحوثي المتمردة، أي حبوب أو زيت للطهي أو غيرها من إمدادات المساعدات لأسابيع وأسابيع.. إنهم لا يتضورون جوعا فحسب، بل يعاني الأطفال من أعراض سوء التغذية، الأمر الذي سيقلل من نمو أجسادهم وعقولهم ويجعلهم عرضة للإصابة بالكثير من الأمراض.


ويعد هؤلاء الأطفال كأحد نماذج ضحايا الخلافات بين برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة WFP ووكالة مساعدات قام الحوثيون باستحداثها لتتولى توزيع المعونات الغذائية التي توفرها WFP ولكنهم عجزوا عن تحديد المستفيدين من المعونات.


تقوم WFP بإرسال شحنات المعونات إلى منظمة غير حكومية محلية أخرى في بني قيس، حيث تعيش الرضيعة إسهام عصام، لكن مصادر إنسانية ومحلية قالت: إن المساعدات توقفت حاليا بسبب معوقات من جانب زعماء القبائل المحليين الموالين للحوثيين.


وقالت حجة إبراهيم والدة إسهام عصام: “لا تصل إلينا معونات غذائية هنا، لقد كانوا يعطوننا الحبوب والدقيق ولكنهم مؤخرا يرفضون توزيع أي شيء على الجميع”.


تجلس إسهام وشقيقها في حضن أمهما، بينما يرتديان خرقا بالية غير نظيفة، تحت سقف كوخهم المبني من الطين والقصب والأكياس القديمة والذي يسمح بدخول ضوء النهار، وكذلك أمطار الربيع، يغلب على إسهام وشقيقها حالة من الهدوء أقرب إلى الخمول كما هو الحال بالنسبة لباقي الأطفال الآخرين في المنطقة، الذين يحتاجون أيضا للعب بالإضافة إلى الإمدادات الغذائية.


يتمكن والد إسهام، في بعض الأيام، من كسب ما يعادل 25 سنتاً مقابل بيع المياه وينفقها على شراء بعض الطعام، ولكن في الأيام الأخرى التي لا يحالفه فيها الحظ لكسب هذا المبلغ الزهيد تضطر الأسرة بكاملها للعيش على الخبز والماء فقط.


 


بدو رُحل


يعيش في مديرية بني قيس، التي تتألف من مجموعة من القرى، عشائر كانوا من البدو الرحل قبل أن يستقر بهم الحال هناك حيث لا يتمتعون بنفوذ قبلي مثل العشائر القوية الأخرى في اليمن، سواء المنتمين للحكومة أو الحوثيين الذين سيطروا على شمال هذا البلد.


تعاني هذه العشائر من فقر يجعلهم مستحقين للحصول على المعونات الغذائية، ولكن لا يوجد لهم نفوذ أو صوت سياسي يعبر عن شكاواهم إذا تم نهب هذه المعونات أو تعذر مراقبة عمليات توزيعها، ويتم تجاهلهم في العادة من قيادات الحوثيين.


وقام فريق استقصائي من شبكة “سي إن إن” برحلة لمسافة 4000 كلم عبر الجبال اليمنية وعلى طول ساحلها، لإجراء تحقيقات حول الإمدادات المنهوبة وتحويل المعونات إلى غير مستحقيها ورصد جرائم فساد بشكل منهجي في المناطق الخاضعة لسيطرة ميليشيات الحوثي.


وتحدث فريق “سي إن إن”، في إطار التحقيق الاستقصائي، إلى موظفي المنظمات غير الحكومية اليمنية والدولية، والمسؤولين المحليين والمقيمين في 4 محافظات يسيطر عليها الحوثيون، وتمكنوا من الحصول على وثائق الأمم المتحدة التي توضح بالتفاصيل نطاق الكارثة الإنسانية التي كانت خافية في السابق.


 


التغطية على السرقات والنهب


في العام الماضي، اشتكى برنامج الأغذية العالمي WFP علناً من أنه تم “تحويل” حوالي 1200 طن من الغذاء، و”تحويل” هنا هو التعبير الدبلوماسي المنمق لـ”سرقة”، المخصص للأسر المتضررة في شهري أغسطس وسبتمبر بالعاصمة صنعاء الواقعة تحت سيطرة ميليشيات الحوثي.


وقال برنامج الأغذية العالمي إنه “تم تزييف قوائم توزيع تحمل بصمات إصبع من المفترض أنها تؤكد استلام المستفيدين للمعونات، لكن تبين أن حوالي 60% من المستفيدين، الذين يقدر عددهم بالآلاف في 7 مناطق في العاصمة لم يتلقوا أي معونة، وأنه كان هناك احتيال ونهب”.


وإلى جانب قوائم الاستلام المزيفة، قال برنامج الأغذية العالمي إنه “اكتشف أن أشخاصاً غير مستحقين للمعونات حصلوا على الغذاء، فيما يجري بيع كميات أخرى منها في أسواق المدينة”.


وقال ديفيد بيسلي المدير التنفيذي لـWFP آنذاك: “إن هذا السلوك هو جريمة سرقة طعام من أفواه الجياع، وتقترف هذه الجريمة في الوقت الذي يموت فيه أطفال باليمن لأنهم لا يحصلون على طعام يسد جوعهم، بما يثير الحزن والغضب”.


وعلاوة على هذه التصريحات العلنية، بعث بيسلي بشكوى رسمية إلى قيادة الحوثيين، مهدداً بوقف التعاون مع وكالة التنسيق التابعة لحكومة الانقلاب الحوثية، والتي يُنحى عليها باللائمة في حدوث تلك الخروقات الكارثية، وقطع المساعدات تماماً.


وجاء في الرسالة “لا يتسامح WFP مطلقا بشأن الاحتيال والفساد، ولا يمكن السماح بأي تدخل من أي شخص أو كيان، بما في ذلك من مسؤوليكم (التابعين للحوثي)”.


وتمت معالجة المشكلة العاجلة عندما اتفق الحوثيون وWFP على نظام جديد للتسجيل والتحقق من الهوية البيولوجية لوضع حد لعمليات الاحتيال والسرقة، لكن لم يتم تفعيل الخطوة بعد.


 


نهب معونات غذائية ومالية


في مارس، التقى فريق شبكة “سي إن إن” بعشرات النساء في مقر أمانة العاصمة، وهي السلطة البلدية المحلية المسؤولة عن توزيع المساعدات في صنعاء، التي أورد تقرير WFP أنها كانت في مركز عمليات الاحتيال والتلاعب بالمعونة، وبالفعل اشتكت جميعهن من أنهن لم يتلقين المعونات.


وتقول أميرة صالح إنها وجدت اسمها مدرجاً في قائمة المستفيدين، لكنها تلقت هي وأسرتها المؤلفة من 10 أفراد المعونة منذ 6 أشهر مضت، كما أنها عثرت على ما يفيد بالسجلات أنها تلقت مبلغ 110000 ريال يمني (حوالي 440 دولاراً) من مؤسسة خيرية أخرى، وهو ما لم يحدث على الإطلاق.


وأضافت أميرة: “نتلقى بين الحين والآخر رسالة نصية قصيرة تطلب التوجه إلى مدرسة ما للحصول على المعونات الغذائية”، لكن عندما لم تجد معونات، سألت إلى أين يجب أن تذهب، حيث إنها عثرت على اسمها في قوائم المستفيدين، “لكن لا يوجد إشعار أو توجيه إلى حيث يمكن الحصول على المساعدة”.


كما اشتكت مجموعة من السيدات، كن يجلسن إلى جوار أميرة، من أنهن تم رفض منحهن المعونات مراراً لأنهن لا يمتلكن مستندات، مثل فواتير الكهرباء أو شهادات مدارس، والتي لا يمكنهن الحصول عليها إلا من البلدات التي هربن منها.


وقامت هيفاء قاسم برفع القميص الأبيض الذي يرتديه ابنها، البالغ من العمر 9 سنوات، لكشف بطنه المنتفخ وأضلع قفصه الصدري المرئية بوضوح، وقالت فيما تشير إليه: “كل هذا بسبب إصابته بمرض الكبد”، مضيفة أنهم لا يمكنهم “العثور على طعام يسد جوعهم”.


على الجانب الآخر، قال عبد الوهاب شرف، مدير وكالة تنسيق المساعدات الحوثية في صنعاء، الذي وصف اتهامات WFP بأنها “جنونية”، إنه ربما كان هناك سوء فهم، لكن تم حل الأمر، مضيفا: “إن هناك صعوبات تقنية.. إنها ليست سرقة”، وأشار شرف إلى أن WFP يجب أن يتواصل مباشرة مع مراكز المعونة إذا كان يهتم حقا بتذليل الصعوبات، بدلاً من المجاهرة علنا بالمشاكل.


 


إجراءات أممية صارمة


ووجد تحقيق “سي إن إن” أن القضية تؤثر أكثر بكثير في مناطق بالمقارنة مع تلك المشكلات الموجودة في العاصمة.


وتبين أن حوالي 33 منطقة في اليمن تعاني من فجوة واسعة بين كمية إمدادات المعونة الغذائية التي تم تسليمها رسمياً وما تم توزيعه على المستحقين، وفقاً لوثائق المعونات الداخلية التي اطلع عليها فريق شبكة “سي إن إن”.


وأظهرت الوثائق أن 20 من هذه المناطق، بما في ذلك بني قيس، تقع في نطاق سيطرة الحوثيين، حيث يعيش 70% من اليمنيين، وأن المعونات الغذائية لا تصل إلى المستفيدين المستهدفين من WFP حالياً، بسبب عدم موافقة ميليشيات الحوثيين على تغيير الجهات التي تتولى توزيع المساعدات والتثبت من وصولها لمستحقيها.


وقالت ليز غراندي، المنسق المقيم للشؤون الإنسانية للأمم المتحدة في اليمن، التي ترأس مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية: “بالتأكيد، كان علينا (هيئات الأمم المتحدة)، في عدة مناسبات، أن نقول للسلطات المحلية: أنتم لا تسمحون لنا بالدخول إلى هناك، ولا يمكننا الاستمرار في متابعة هذه البرامج”.


وأضافت غراندي قائلة: إن المراقبة جزء ضروري من مسؤوليتنا أمام السكان، الذين نتواجد هنا من أجل تقديم المساعدة إليهم.. إنه نهج جذري قوي جديد لـWFP، الذي تموله حكومات الدول المانحة بشكل رئيسي، وتعد الولايات المتحدة أكبر المانحين في عام 2018، حيث أسهمت بأكثر من 2.5 مليار دولار.


في الماضي، أعطى WFP ومنظمات الإغاثة الأخرى الأولوية لـ “الضرورة الإنسانية” لمحاولة مساعدة المحتاجين إليها، حتى لو كان هناك مشاكل فساد وإساءة استغلال للمعونات، التي يمكن أن تؤدي إلى عواقب وخيمة، في الصومال في أوائل التسعينيات، أساء لوردات الحرب استغلال المنظومة إلى درجة أن الأمم المتحدة أعطت الأوامر بشن عمليات احتلال لمناطق بالصومال كي يتم وضع نهاية لتلك الممارسات، لكن جاءت تلك الخطوة بعد أن قضى ما يقدر بنحو 300000، كما أن حرب جنوب السودان امتدت لسنوات، ربما لعقود، بسبب سرقة معونات الغذاء والوقود التي كان يتم توفيرها كمعونات إنسانية.


 


فجوة خلافية مع الحوثيين


 



 


 


هناك فجوة كبيرة من عدم الثقة بين الحوثيين وWFP، فهم يرغبون في تعيين المزيد من الموظفين اليمنيين، وهي حجة تُسمع في أماكن أخرى من العالم حيث غالباً ما يسود الاعتقاد بأن الأجانب لن يمكنهم حل المشكلات المحلية، لكن المنظمة الأممية وغيرها من المنظمات غير الحكومية الأجنبية تقول إن أنشطتهم تتعرض للعراقيل والمعوقات، بسبب رغبتهم في مراقبة عمليات الإغاثة وضمان وصول المعونة لمستحقيها.


ويقول منسوبو الهيئات الإغاثية العالمية، إن الشكاوى بشأن ضرورة التثبت من وصول المعونات لمستحقيها، أدت إلى فرض الميليشيات الحوثية مزيداً من القيود، والتأخير في إصدار التأشيرات أو رفض إصدارها على الإطلاق.


ويبقى أن هناك 10 ملايين يمني لا يزالون “على بعد خطوة واحدة” من المجاعة، وأكثر من ثلثي سكان اليمن “يعانون من انعدام الأمن الغذائي”، وفق WFP.


 


جلد وعظام الأطفال


ويقول فريق “سي إن إن” إنه في مسار رحلته عبر المناطق التي يسيطر عليها متمردو الحوثي، استسلم العديد من القرويين الذين قابلوهم، للفساد كحقيقة من حقائق الحياة، وألقى البعض منهم باللوم على الانقلابيين، فيما ذهب البعض الآخر لإلقاء اللوم على المجتمع الدولي، حيث إن جل ما يعرفونه بالتأكيد هو الانعكاس السلبي عليهم.


في مارس، قطعت الأمم المتحدة الإمدادات عن الأشخاص الذين نزحوا عن ديارهم بسبب القتال والقصف لأن ممثلي WFP لم يتمكنوا من مراقبة توزيع الأغذية هناك.


وقدّر مسؤولو الأمم المتحدة والحوثيون أن حوالي 10000 شخص فروا من الخطوط الأمامية إلى مناطق عبس وأسلم شمال غرب العاصمة، وتوفر هذه الأرض التي تجتاحها الرياح القليل من المأوى، ولا توفر القوت للماعز القليلة التي يصحبها اللاجئون المعوزون إلى المخيمات في المنطقة.


وتتفاقم مشكلات سوء التغذية والمضاعفات الصحية الخطيرة في عزلة “أسلم”، بدرجة أن أجساد الأطفال أصبحت مجرد جلد يغطي عظاما.


وقالت الممرضة مكية الإسلامي رئيسة الوحدة الصحية المحلية في أسلم: “إن الحرب مستمرة منذ 4 سنوات، بما يفوق أكثر بكثير قدرة الناس على التعامل معها، حيث لا يستطيع أحد أن يكسب رزقه، ولا يستطيع أحد الحصول على عمل”، وتقول مكية، التي تبدو حالتها العامة ضعيفة بدرجة تجعل المرء يختلط عليه الأمر ويظن أنها واحدة من مرضاها، “كنا جائعين وحاليا نحن أكثر جوعا”.


 


الغذاء مقابل الولاء للحوثي


قبل شهرين، كان WFP لا يزال يناضل للحصول على إذن للمراقبين بالإشراف ومتابعة توزيع المواد الغذائية في صعدة، في عمق الحوثي بأقصى الشمال الغربي من البلاد، على بعد حوالي 30 كم أو نحو ذلك من الحدود السعودية.


وقال العديد من الدبلوماسيين والمصادر داخل وكالات الإغاثة الإنسانية، إن بعض المساعدات يتم تحويلها إلى وحدات قتالية أو بيعها في السوق المفتوحة، لكن يستخدم جانب كبير من المعونات لشراء التأييد والولاء للحوثيين.


وكانت صعدة محور الضربات الجوية، للتحالف العربي لعدة سنوات، لأنها في مركز الدعم لميليشيا الحوثي، لكن هذا الدعم غير مضمون وتصر مصادر الأمم المتحدة على أن تحويل (سرقة) المساعدات الغذائية إلى “مواطنين غير مستحقين” من الحصول على ولائهم للحوثيين، تطبيقا لمفهوم: امنح الجائع طعاماً إضافياً وسيدين لك بالولاء.


وقال أحد المسؤولين الأجانب البارزين في اليمن عن الحوثيين: “إنهم يعلمون أنه عندما يتم التوصل في نهاية المطاف إلى اتفاق سلام، سيتعين عليهم الحصول على مستقبل سياسي غير عسكري، إنهم بحاجة إلى التأكد من حصولهم على دعم سياسي على أرض الواقع في مناطقهم الخاصة، لذا فهم يحاولون الحصول على أكبر قدر ممكن من المساعدات في تلك المناطق، ولا يريدون أن يراقب أي شخص كيفية التصرف فيها”.


 


الحوثيون: “سعداء” بالمساعدات


رفض الحوثيون الاتهامات التي وجهها إليهم فريق شبكة “سي إن إن”، حيث قال حسين العزي، نائب وزير خارجية الحوثيين في صنعاء، إنه تمت إزالة القيود المفروضة على تأشيرات الدخول للعاملين في المنظمات غير الحكومية.


وصرح لشبكة “سي إن إن” قائلا: “في البداية، كان لدينا بعض التحفظات” على بعض العاملين في فرق الإغاثة الدوليين”.


وأضاف: “تحدث الأخطاء في بعض الأحيان، ولكن هذا لا يعني أو لا يمثل سياسة من جانبنا، نحن سعداء بأي مساعدة تصل إلى المواطنين، إنهم رأسمالنا في هذه الحرب”.


 


التحكم في الغذاء والمعلومات


لا يزال هناك شك عميق لدى المنظمات غير الحكومية الأجنبية، ووسائل الإعلام بشكل عام، ففي الحديدة، هدد موظف صغير باحتجاز فريق “سي إن إن” إذا لم يشارك في اجتماع مع مسؤولي الأمم المتحدة.


وفي العاصمة، قامت أجهزة الانقلابيين باستجواب عامل محلي من المنظمات غير الحكومية، بعد التحدث إلى فريق شبكة “سي إن إن” بدون حضور مسؤول مكلف من الحوثيين.


وإذ يتعين على الحوثيين الحفاظ على بعض العلاقات الجيدة مع الأمم المتحدة والوكالات الأخرى، فبدون معونات الغذاء، سينهار تمرد ميليشيات الحوثي تحت وطأة الرعب المطلق المتمثل في الملايين الذين يتضورون جوعاً، ولكن بينما يبذلون قصارى جهدهم للفوز برضا الأجانب، إلا أنهم يتعاملون بقسوة مع بعض اليمنيين في المناطق الخاضعة لسيطرتهم، ويريدون بسط سيطرتهم لتشمل الغذاء والمعلومات والمواطنين.


 


احتجاز وتهديد الصحافيين


وقال صحافي محلي إنه احتُجز وهدده الحوثيون، لأنه قام بتغطية إخبارية عن عمليات إساءة استخدام للمعونات الإنسانية، وقال مراسل آخر إنه يخشى أن يرتبط بينه وبين أي عمل ربما ينعكس سلباً على حكومة الانقلاب.


كما قام مواطنون من صنعاء بالاتصال بفريق “سي إن إن” مرتين لتقديم شكوى باللغة الإنجليزية، بأنهم يعيشون في دولة بوليسية.


وهمس أحد المواطنين بصوت خافت لفريق “سي إن إن” قبل أن ينطلق مسرعاً بعيداً عنهم: “إذا قلت لك الحقيقة عن العيش هنا، فسيطلقون نيرانهم علي”.


 


شريان الحياة الممزق


حتى لو تم حل جميع المشاكل بين الحوثيين والأمم المتحدة، فإن القيود تعني أن المساعدات تتجه إلى الشمال في أفضل الظروف.


فبقرب ميناء الحديدة مصانع لطحن الحبوب المستوردة إلى دقيق، لكن تشير أصابع الاتهام إلى الحوثيين بخنق الإمدادات.


وقال جوناثان كوهين القائم بأعمال سفير الولايات المتحدة لدى الأمم المتحدة في أبريل: “في هذه المرحلة، إن الحوثيين وحدهم هم من يمنعون الوصول إلى المطاحن”، مشيرا إلى أنهم “هم وحدهم الذين يتحملون المسؤولية إذا فسد الغذاء”.


ولكن تراجع المسؤولون الحوثيون بعد عدة أسابيع عن تلك الممارسات ومنحوا حق الوصول، ومن المفترض أن تكون الحديدة ميناء ومدينة منزوعة السلاح تحت سيطرة الأمم المتحدة، بموجب اتفاق في ديسمبر بين الحوثيين، المدعومين من إيران، والحكومة اليمنية، لكن ما زال الحوثيون يواصلون استعراض عضلاتهم في الحديدة.


ويحقق الميناء، بالرغم من حالته السيئة الحالية، عائدات تقدر بنحو 30 مليون دولار شهرياً، من خلال الرسوم الجمركية والرسوم الأخرى، أعلن الحوثيون مؤخراً انسحابهم من بعض الموانئ، لكن يبقى ميناء الحديدة الصيد الثمين، إذا تخلوا عن الميناء، فسوف يخسر الحوثيون أكبر مصدر للأموال.


في حين أن الحوثيين ربما يفكرون على المدى الطويل بشأن الاستراتيجية والسياسة والحرب، فإن الفكرة الوحيدة هي سد الجوع بالنسبة للكثيرين، إن لم يكن غالبية المقيمين في المناطق التي يسيطر عليها الحوثيون.


وتبقى أيام بلا حياة مع معدة فارغة لفترة غير معلومة، لكل من أميرة صالح في العاصمة بحثاً عن حصصها المنهوبة، إلى حجة إبراهيم في بني قيس، التي تتساءل عما إذا كانت المعونات ستعود يوماً ما.


ومع عدم وصول الطعام إلى مستحقيه، بل ومع اعتياد استخدامه لشراء الولاء أو إطعام المقاتلين أو بيعه في الأسواق لجني أرباح، توجه فريق شبكة “سي إن إن” بالسؤال إلى المسؤولة الأممية غراندي، عما إذا كانت يساورها قلق من أن برامج المساعدات الإنسانية يمكن أن تكون سببا في إطالة أمد الحرب في اليمن المدمرة. وأجابت غراندي قائلة: “بالتأكيد، إن العاملين في مجال الإغاثة الإنسانية ليسوا سياسيين، نحن هنا لإبقاء المواطنين على قيد الحياة”، لكن لم تجب بوضوح قائلة: لا.


 


 


ـــــــــــــــــ


لتعرف كل جديد صوت وصورة والاخبار العاجلة أولا بأول قبل نشر تفاصيلها في الموقع تابع قناة “يمن الغد” على اليوتيوب وصفحات الموقع على تويتر وفيس بوك تكرم بالدخول اليها عبر هذه الروابط:


 يوتيوب:


https://www.youtube.com/channel/UC8VZ0CE_uJ6JXTKIS5r09Ow


تويتر:


https://twitter.com/Yemengd


فيس بوك:


https://www.facebook.com/yemenalghadd/?ref=page_internal


 


 

زر الذهاب إلى الأعلى