“الشرق الأوسط”: توتر أمني في شبوة وأبين وسقطرى وتدهور للخدمات في عدن وحوار جدة مستمر
على وقع استمرار تدهور الخدمات في العاصمة اليمنية المؤقتة عدن، تصاعدت مؤخرا حدة التوتر الأمني بين الحكومة الشرعية وأتباع «المجلس الانتقالي الجنوبي» في محافظات أبين وشبوة وسقطرى، وسط آمال في الشارع اليمني بأن يثمر حوار جدة المستمر عن تطبيع العلاقة بين المكونات اليمنية وتوحيد الجهود في مواجهة الانقلاب الحوثي.
وفي هذا السياق، أفادت مصادر محلية وشهود لـ«الشرق الأوسط» بوجود حالة من التوتر الأمني في محافظات أبين وشبوة وسقطرى على وقع التصعيد الذي يقوده «الانتقالي» لاستكمال السيطرة العسكرية على هذه المحافظات.
وفي حين اتهم موالون لـ«الانتقالي» الحكومة الشرعية بأنها قمعت الخميس مظاهرة لأنصار المجلس الداعي لانفصال جنوب اليمن عن شماله، في مدينة عزان التابعة لمحافظة شبوة، طالبوا في بيان بإعادة قوات ما تعرف بـ«النخبة الشبوانية» لتولي مهام الأمن في المحافظة.
وندد بيان اطلعت عليه «الشرق الأوسط» بمقتل شخص واحد على الأقل من أتباع «الانتقالي» برصاص قوات حكومية في مدينة عزان وإصابة آخرين خلال المظاهرة، كما اتهم القوات الحكومية باعتقال عدد من الناشطين.
ودعا البيان إلى عودة «النخبة الشبوانية» إلى مواقعها السابقة وجميع مناطق المحافظة لحفظ الأمن والاستقرار ومحاربة الجماعات الإرهابية، بحسب تعبير البيان.
إلى ذلك، قالت مصادر حكومية في شبوة لـ«الشرق الأوسط» إن أجهزة الأمن التابعة للشرعية «تقوم بواجبها في حماية المقرات الحكومية وحفظ الأمن والحرص على عدم إشاعة الفوضى في مديريات المحافظة كافة».
في غضون ذلك، أفادت مصادر ميدانية في محافظة أبين بأن القوات الحكومية عملت خلال الأسابيع الماضية على تعزيز وجودها العسكري في مناطق أبين الخاضعة لها المتاخمة لمحافظة شبوة بالتزامن مع استمرار قوات تابعة للمجلس الانتقالي في تعزيز وجودها في المناطق الخاضعة لها، وبخاصة في مدينتي زنجبار وجعار.
وفي حين يأمل ناشطون يمنيون تحدثوا لـ«الشرق الأوسط» بأن تتسارع وتيرة الحوار القائم في مدنية جدة الذي ترعاه السعودية بين الشرعية وقيادة المجلس «الانتقالي» وصولا إلى تطبيع العلاقة بين الطرفين، حذروا من مغبة اللجوء إلى العنف مجددا أو محاولة السيطرة على الأرض بالقوة.
ووفق مصادر سياسية مقربة من الحكومة الشرعية تحدثت لـ«الشرق الأوسط» أكدت عدم وجود أي حوار مباشر حتى الآن بين ممثلي الطرفين، إلا أنها أشارت إلى وجود جهود سعودية حثيثة يرجح أنها ستسفر في نهاية المطاف عن وجود صيغة نهائية لاتفاق ينزع فتيل الأزمة نهائيا ويضمن عودة الحكومة الشرعية إلى العاصمة المؤقتة عدن.
إلى ذلك، أفادت مصادر أمنية في محافظة أرخبيل سقطرى بأن موالين للمجلس الانتقالي الجنوبي سيطروا على مقر قوات النجدة في المحافظة إثر قرار للرئيس عبد ربه منصور هادي أزاح به مدير الشرطة في المحافظة من منصبه.
وقضى القرار الرئاسي بإقالة علي الرجدهي وتعيين فايز سالم طاحس مديرا لشرطة أرخبيل سقطرى، وهو القرار الذي يبدو أنه بحسب المراقبين أثار حفيظة أتباع «الانتقالي» في المحافظة.
وبينما لا تزال الأوضاع يشوبها قدر من التوتر الأمني، ذكرت مصادر محلية في الجزيرة اليمنية الأكبر، أن جهودا تبذل من قبل وسطاء لتجنب أي مواجهة مسلحة بين القوات الحكومية وأنصار «الانتقالي».
وكان محافظ المحافظة الموالي للرئيس هادي والحكومة الشرعية عاد مؤخرا قبل أيام إلى سقطرى بعد رحلة علاجية، حيث يسعى إلى إعادة فرض نفوذ الحكومة الشرعية على جزر الأرخبيل والحد من تحركات أتباع «الانتقالي».
ومنذ سيطرة «الانتقالي» على العاصمة المؤقتة عدن ومحافظتي الضالع ولحج وأجزاء من أبين شهدت هذه المناطق تراجعا كبيرا في الخدمات الضرورية من قبيل الكهرباء والمياه، وفق ما يقوله السكان.
وذكرت مصادر محلية في أحياء متفرقة من عدن لـ«الشرق الأوسط» أن غياب الحكومة الشرعية عن المدينة أثر سلبا على جودة الخدمات، حيث تراجعت مدة تشغيل التيار الكهربائي إلى الحد الأدنى، بينما باتت كثير من الأحياء تفتقد إلى مياه الشرب جراء توقف محطات الضخ عن العمل لنقص الوقود.
وفي تصريحات رسمية لمدير مدير عام مؤسسة المياه والصرف الصحي في عدن فتحي السقاف، أوضح أسباب انسداد مجاري الصرف الصحي في المدينة، وقال إن القمامة والمخلفات الأخرى هي المتسببة في الأمر.
وأضاف: «المؤسسة تعمل كل ما في وسعها وعمالنا يعملون على مدار الساعة في فتح الانسدادات وتصفية الخطوط والمناهل وكان هناك تحسن ملحوظ في التخفيف وليس القضاء على الطفح ولكن هطول الأمطار وبغزارة ساعد على تفاقم الوضع».
وكان ناشطون بثوا صورا على مواقع التواصل الاجتماعي من شوارع مدينة عدن أظهرتها في حالة سيئة بسبب تدفق مياه المجاري إليها، محذرين من خطوة الأمر على صحة السكان.
وكان ممثلو المجلس «الانتقالي» يتزعمهم رئيس المجلس محافظ عدن السابق عيدروس الزبيدي وصلوا قبل نحو شهر إلى مدينة جدة السعودية تلبية لدعوة المملكة من أجل الحوار مع الشرعية التي تتهمهم بالتمرد عليها واحتلال مقراتها ومعسكراتها في عدن وأبين.
ورفض ممثلو الشرعية عقد أي لقاء مباشر حتى الآن مع قادة «الانتقالي» وفق ما أكدته مصادر حكومية، إلا أن تصريحات دبلوماسية لسفراء غربيين أشاروا فيها إلى أنهم يتوقعون أن يسفر الحوار غير المباشر الذي تقوده السعودية إلى اتفاق خلال الأسابيع المقبلة دون تحديد موعد.
وفي وقت سابق، سرب مقربون من الرئيس عبد ربه منصور هادي لوسائل إعلام محلية أنه رفض مقترحا بمنح «الانتقالي» أي مناصب في الحكومة الشرعية قبل عودة الأوضاع إلى سابق عهدها، بما في ذلك عودة الحكومة إلى عدن والانسحاب من المعسكرات.
ويتهم أتباع «الانتقالي» الحكومة الشرعية بـ«الفساد» وبسيطرة حزب «الإصلاح» على جميع مفاصلها العسكرية والمدنية، وهو الأمر الذي ترفضه الحكومة، التي ترى في تحركات «الانتقالي» انقلابا على شرعيتها.