أخيراً.. تحطمت صنمية حمود المخلافي “كيف حدث ذلك؟”
ما يقرب من عقد من الزمن هو عمر ”الصنمية” التي تم صناعتها لتحيط بشخصية القيادي في جماعة الإخوان المسلمين الشيخ حمود سعيد المخلافي، لتتحطم هذه الصنمية دفعة واحدة خلال سقوط القناع عن الشيخ الذي ظل طوال الفترة الماضية رمزاً تعزياً، ليكتشف العالم حقيقة الرجل الذي قدم نفسه مجرد أداة من الأدوات التي تستخدمها قطر للعبث في اليمن.
قدم حمود المخلافي نفسه على حقيقتها عبر تدشين معسكر تدريبي خارج إطار الدولة يحمل اسم ”معسكر حمد” في منطقة يفرس بمديرية جبل حبشي، حيث عرضت قناة الجزيرة القطرية مقاطع فيديو لأفراد المعسكر ”أعضاء من جماعة الإخوان المسلمين” وهم يؤدون استعراضات وتداريب عسكرية وشعارات تعاهد المخلافي على السمع والطاعة.
وكان الشيخ حمود سعيد المخلافي، الذي يقيم في تركيا ويتردد على قطر وعمان، قد أعلن في 30 أغسطس الماضي عن عزمه إقامة ألوية عسكرية، متكفلا بتمويلها بالكامل، حيث دعا أبناء تعز للعودة من الحد الجنوبي للسعودية ليكونوا قوام هذه الألوية التي تدعمها قطر.
تدشين ألوية عسكرية تابعة لجماعة الإخوان المسلمين وممولة من قطر كشفت عورة المخلافي الذي ظل يقدم نفسه كقائد للمقاومة، وأزالت اللبس عن حقيقة العلاقة بين جماعة الحوثي وجماعة الإخوان المسلمين، وهو التحالف الذي ترعاه وتدعمه إيران وقطر وتركيا في مواجهة الحكومة الشرعية ودول التحالف العربي وفي مقدمتها السعودية والإمارات، وهو ما جعل أبناء تعز يكفرون بالصنم الذي صنع في مدينتهم واسمه ”حمود سعيد”
صناعة الصنم
في إطار استراتيجية جماعة الإخوان المسلمين في صناعة الأصنام والنجوم وتسليط الأضواء الإعلامية عليهم لترسيخ نجوميتهم كان اختيار الجماعة في العام 2011 على ضابط الأمن السياسي ”حمود سعيد المخلافي” للعب الدور، واستغلال الحماس الثوري لأبناء الشعب الذي كان يعيش أزهى أيام ثورة فبراير الشبابية الشعبية.
تم دعم الشيخ حمود بالمال والسلاح لتكوين مجاميع مسلحة تحت مبرر حماية الساحة، وتم تسليط وسائل الإعلام على هذه الشخصية التي يتم توثيق كل تحركاتها وتصويرها كبطل أسطوري، وقد استغل المشاعر الصادقة لأبناء تعز في الدفاع عن مدينتهم في تكوين مجاميع مسلحة وتم استقطاب الأموال من الداخل والخارج بعد أن قدم الإعلام المخلافي كبطل شعبي.
بدأ المخلافي بممارسة البلطجة عبر نهب الممتلكات العامة والخاصة للمواطنين، فشهد العام 2011 عمليات نهب للسيارات والمحلات التجارية والأراضي الخاصة بالمواطنين، وفي أفضل الأحوال كان المخلافي يقدم نفسه كمحكم ليقوم بنهب الضحية مقابل ملايين الريالات تحت مسمى ”حماية”.
ومع بدء الانقلاب الحوثي على الدولة دفعت جماعة الإخوان المسلمين بالشيخ المخلافي إلى الواجهة كقائد للمقاومة الشعبية من خلال تزعمه للمجاميع الشعبية التي تقاتل، ومع أن مجاميع المخلافي ظلت محصورة في منطقة الروضة حيث منزله، مع اشتراكها في جبهات الزنوج وجبل جرة دون غيرها، فقد تكفل الإعلام الإخواني بتسليط أضواء النجومية على المخلافي والذي بات يطلق عليه في المخيال الشعبي اسم ”حمود صورني” بسبب كثرة الكاميرات التي ترافق تحركاته الاعتيادية.
قدم الشيخ حمود المخلافي نجله ”أسامة” ضحية في اقتتال حول أرضية حاول نهبها، لكن الإعلام قام بتزييف هذه الحقيقة وتحدث أن أسامة استشهد في مواجهة الحوثيين، وقد نجح الشيخ المخلافي باستغلال هذه الحادثة وتقديم نفسه كقائد قدم التضحية من أجل تعز بفلذة كبده، لكن الحقيقة سرعان ما لاحت أمام الناس.
وعلى الرغم من الهالة التي صنعها الإعلام حول شخصية الشيخ حمود، إلا أن المواقف تفضح حقائق الناس وتسقط عنهم الأقنعة التي لا تدوم طويلا، فخلال لقاء تلفزيوني مع الفضائية اليمنية -يمكن العودة له في يوتيوب- كان الشيخ المخلافي يتحدث عن بدايات المواجهات المسلحة مع الانقلابيين، وفي سياق حديثه عن إحدى الدبابات التي تسلمها من اللواء 35 مدرع قال إنه ”تمنى لو يقتل 50 فردا من أبناء المقاومة ولا يتم تدمير الدبابة” وهي حقيقة تثبت درجة استهانته بالأفراد.
هذه النجومية التي صنعها الإعلام ولم تصنعها المواقف، تم استثمارها من قبل المخلافي وجماعته في جني الأموال، ويكفي أن ندرك فقط أن رئيس الوزراء الأسبق خالد بحاح كان قد تحدث عن قيام المخلافي بنهب مبلغ 300 مليون ريال سعودي، بخلاف مبالغ باهظة تم تسلمها من التحالف العربي، بالإضافة إلى الأسلحة التي كانت تسلم للمخلافي ويتم تخزينها في مخازن خاصة تابعة لحزب الإصلاح.
الحج إلى اسطنبول
في العام 2016 غادر الشيخ حمود المخلافي تعز متوجها إلى السعودية ومنها إلى تركيا، وبالتزامن مع مغادرته الاختيارية نشرت وسائل الإعلام التابعة للإخوان المسلمين أن التحالف العربي قام بإخراج المخلافي من اليمن بهدف إعاقة معارك التحرير.
لكن الشارع اليمني لم يكد يتعامل مع هذه المبررات السمجة لإعلام الإخوان حتى بدأ يشاهد صورا للشيخ المخلافي في تركيا واضعا الطربوش التركي ذا اللون الأحمر على رأسه ورافعا صورة أردوغان على وشاح يرتديه، ليسمع بعد ذلك بأخبار المطاعم والمولات التي تتبع الشيخ المخلافي والتي تم افتتاحها في تركيا ومصر.
بعد الأزمة الخليجية وخروج قطر من التحالف العربي وما نتج عن ذلك من تمتين التقارب القطري الايراني في مواجهة التحالف العربي بقيادة السعودية والامارات، توجه المخلافي إلى سلطنة عمان ”الدولة التي تستضيف معظم القيادات الحوثية” وهناك بدأ التنسيق لمشروع لعلاج بعض جرحى الحرب من الطرفين الحوثي والمحسوبين على المقاومة، وهو المشروع الذي جاء في سياق التقارب بين حزب الإصلاح والحوثيين وبدعم من عمان وقطر.
وفي الوقت الذي كان رئيس الهيئة العليا للتجمع اليمني للإصلاح محمد اليدومي يعلن من العاصمة السعودية الرياض أن لا علاقة بين الإصلاح وجماعة الإخوان ”التي تصنف جماعة إرهابية في عدة دول أبرزها الإمارات ومصر” ظهر الشيخ المخلافي في قطر بمعية قيادات عليا في التنظيم الدولي للإخوان أبرزها يوسف القرضاوي وخالد مشعل.
في الدوحة تم التخطيط لتأسيس ميليشيا مسلحة تابعة للإخوان المسلمين في تعز، حيث تم دعم تأسيس ميليشيا الحشد الشعبي، قبل أن يتم الحديث عن تأسيس ألوية عسكرية أخرى أبرزها لواء ”حمد” الذي أعلن عنه مؤخرا.
تأسيس ألوية مسلحة تابعة لحزب الإصلاح خارج إطار الدولة والجيش الوطني يأتي في سياق الاتفاق بين ايران وجماعة الإخوان المسلمين والذي عقد في تركيا في العام 2014 والذي ينص على توحيد جهود الطرفين في اليمن في مواجهة السعودية، وهو الاتفاق الذي كشفت تفاصيله مجلة ”انترسبت” الأمريكية مؤخراً.
في سياق ترجمة هذا الاتفاق فإن إعلان الشيخ حمود المخلافي عن تأسيس ألوية عسكرية خارج إطار الدولة قد جاء إثر دعوته للمقاتلين في الحد الجنوبي للمملكة للعودة إلى تعز، مع تكفله برواتبهم وتسليحهم، ليتم تجميعهم مؤخرا بضوء أخضر من قيادة محور تعز الموالية لحزب الإصلاح وبعد أيام فقط من اغتيال قائد اللواء 35 مدرع العميد ركن عدنان الحمادي.
المحلل السياسي معن دماج قال، المشكلة أن هذه قوات بتصرف دولة اجنبية- قطر- لا تخفي حلفها مع إيران وبالتالي دعمها للحوثي وبالنتيجة عدائها للشعب اليمني ووقوفها مع جلاديه!!
وأضاف دماج، إن طبيعة علاقة تجمع الإصلاح بكل ذلك محل نقاش ايضا، فإذا كان من الصعب لحمود سعيد أن يبني معسكره من دون تسهيلات من المحور، واذا كان الجناح المحسوب على قطر لا يخضع فعلا لقيادات الإصلاح التي اختارت المعسكر السعودي كما هو واضح للجميع، فإن قدرة قيادة على التأثير على الشيخ حمود في هذه المسألة ليست واضحة، تماما كعدم وضوح ما هو المدى الذي يمكن أن يصله حمود سعيد في خدمة المشروع القطري!!
ويرى مراقبون أن الإصلاح أراد إيصال رسالة للسعودية مفادها أنه يملك معسكرات خاصة وبتمويل من الخصم اللدود ”قطر” وهو قادر بهذه القوة أن يهدد السعودية داخل وخارج اليمن، كما أن الإصلاح أراد إيصال رسالة للحكومة الشرعية لتهديدها بتعطيل اتفاق الرياض ولو باستخدام القوة، لكن الرسالة التي وصلت لجميع الأطراف أن الإصلاح يملك معسكرات خاصة، وأن لديه في معسكر ”حمد” فقط أكثر من 5 آلاف إرهابي يهددون أمن وسلامة اليمن والسعودية على حد سواء.