المليشيات تفخّخ طريق السلام في اليمن

 


لم تترك ميليشيا الحوثي أي فرصة للسلام إلا وأعاقتها أو مجالاً لمضاعفة معاناة اليمنيين إلا وهرولت نحوه. ومثلما حفرت الميليشيا المزيد من الخنادق أمام تنفيذ اتفاق استوكهولم، كثّفت تصعيدها في وجه مساعي عقد جولة جديدة من محادثات السلام كان الكل يراهن على أنها ستكون مدخلاً لإعادة الاستقرار لليمن.


تجدّدت الآمال العراض أواخر العام الماضي، بانعقاد جولة محادثات شاملة في يناير الجاري استناداً للتهدئة التي تم التفاهم بشأنها بوساطة أممية، وإظهار الميليشيا استعدادها لاستكمال تنفيذ بنود اتفاق استوكهولم، ووقف استهداف الأراضي السعودية، إلا أن الميليشيا سرعان ما انقلبت على ذلك وذهبت نحو التصعيد في الحديدة، ورفضت استكمال البنود المهمة في اتفاق السويد والخاصة بإخلاء المسلحين من مدينة وموانئ الحديدة وفتح الممرات لقوافل الإغاثة، وصعدت من استهدافها لمواقع القوات المشتركة في جنوب المحافظة.


وفيما قيدت الميليشيا حركة فريق الرقابة التابع للأمم المتحدة والمعني بالإشراف على انسحابها من الموانئ والمدينة، فإنها اتخذت قراراً بمنع تداول الطبعة الجديدة من العملة الوطنية، وبدأت مصادرتها رغم مضي أكثر من عام على وضعها في الأسواق ودون اعتراض، وهو ما سبب أزمة سيولة خانقة في مناطق سيطرة الميليشيا، وحرم أكثر من 100 ألف موظف من رواتبهم.


وفي ظل هذا التصعيد، وارتفاع عدد المحتاجين للمساعدات الغذائية إلى 18 مليون شخص، والانتشار المخيف للأوبئة والأمراض القاتلة في مناطق سيطرة الميليشيا، انضم نحو 800 ألف يمني لهذه القائمة مع توقيف رواتب أكثر من 100 ألف موظف كانت تصلهم من مناطق سيطرة الشرعية، في حين ذهبت الميليشيا نحو المزيد من نهب الممتلكات العامة وتسخيرها لخدمة قادتها ومشرفيها، حيث توزع الغنائم بين الشركات الخاصة التي تم الاستيلاء عليها تحت ستار الحراسة القضائية، وتجارة النفط والغاز، والضرائب والجمارك.


وصعّدت الميليشيا من هجماتها على مختلف جبهات محافظة الضالع، ودفعت بتعزيزات إضافية إلى جنوب الحديدة، وأطلقت التهديدات بالانتقام وانتقدت المسؤولين عنها في طهران لترددهم في اتخاذ إجراء انتقامي عاجل، وهو ما استدعي من المبعوث الدولي مارتن غريفيث اللقاء مع كبير مفاوضي الميليشيا وتحذيره من خطورة انهيار التهدئة المتوافق عليها، وحضّهم على الانخراط في جهود إحلال السلام.


ومثلما دفنت الميليشيا طوال خمسة أعوام، كل محاولات استعادة السلام في اليمن وأفشلت كل جهد بذل في هذا الاتجاه، واستخدمت الأزمة الإنسانية الكبيرة التي تعيشها البلاد لابتزاز التحالف والعالم، تعود اليوم لتغلق الأبواب من جديد أمام أهم مرحلة كان ينتظر أن تؤدي لتوافق على تعليق العمليات العسكرية، والذهاب نحو الحل السياسي الذي يفتح الآفاق أمام اليمنيين لمناقشة خلافاتهم، والاتفاق على مستقبلهم السياسي، بعيداً عن لغة القوة والارتهان للخارج.


 


 


 


 

Exit mobile version