انتهت المدة الزمنية التي نص عليها اتفاق الرياض، الموقع بين حكومة الشرعية اليمنية والمجلس الانتقالي بعد أحداث دامية بين الجانبين في أغسطس الماضي، ولم تنفذ البنود المتفق عليها، في الوقت ذاته تصاعدت التهديدات والحملات الإعلامية من جانب بعض المحسوبين على المجلس الانتقالي بطرد الشرعية، كما هدد الطرف الآخر باجتياح عدن… هل ينفذ الانتقالي تهديداته العسكرية أم يحافظ على مكتسباته من الاتفاق؟
تهديدات إعلامية
قال رئيس مركز جهود للدراسات في اليمن الدكتور عبد الستار الشميري لـ”سبوتنيك”، تعليقا على تهديدات المجلس الانتقالي الجنوبي بإجراءات تصعيدية في الجنوب بعد فشل تنفيذ اتفاق الرياض، أعتقد أن الانتقالي لن يذهب بعيدا بفرض مكتسبات جديدة، وهذه قد تكون مغامرة تذهب ببعض المكاسب التي حصل عليها نتيجة الاتفاق سواء الصعيد الإداري أو العسكري والأمني.
وأشار رئيس مركز جهود للدراسات، إلى أن الانتقالي يعلم جيدا أن القوات المرابطة الآن في عدن هى قوات سعودية، ومن الصعب عليه الدخول في احتكاكات أو مناوشات مع هذه القوات، لذلك أرى أن تصريحات بعض قيادات الانتقالي وتهديداتهم لا تعدو تصريحات إبراء الذمة أو لحث الحكومة على القيام ببعض من التزاماتها، ولن يكون هناك جديد، لأنه على مستوى الواقع والنصوص هناك اتفاق، وعلى مستوى الوقائع على الأرض، ليس هناك الكثير تم تطبيقه من اتفاق الرياض على الأرض نتيجة التراخي الشديد من جانب الحكومة.
قلة أوراق الضغط.
وأكد الشميري أن الانتقالي ليس بيده أوراق كثيرة لكي يحرك بها المشهد أو يدفع الحكومة إلى تنفيذ ما تم الاتفاق عليه سوى العودة إلى الضامن للاتفاق وهى السعودية لطرح الملف لديها من جديد من أجل عقد جلسة أخرى أو استنهاض للاتفاق من جانب الرياض لحكومة الشرعية لتنفيذ ما اتفق عليه، لذا فالتصريحات والتهديدات من جانب بعض قيادات الانتقالي غير ذات جدوى ولن تجد لها طريق على أرض الواقع للتطبيق.
الاشتباكات لم تنقطع
وأوضح الشميري أن الاشتباكات بين قوات الانتقالي والإصلاح في شبوة لم تتوقف منذ توقيع اتفاق الرياض ولكن أفقها محدود، وليس هناك إمكانية لحدوث مواجهات الآن في عدن بشكل خاص، وهو ما يؤكد أنه لن يكون هناك تصعيد عسكري جديد، وستبقى التهديدات بالاشتباك بين الجانبين قائمة ولن تخرج عن دائرة الإعلام، وقوات الانتقالي الآن منشغلة بأوضاعها بعد أن تم تفكيك بعضها ودمجه في قوات الجيش، وضع الانتقالي الآن لا يسمح له بتضييع المكاسب الكبيرة التي حققها، وأصبح بموجبها مجلسا معترفا به إقليميا ودوليا بعد أن كان يوصف بأنه متمرد على الشرعية.
الخيار الأوحد
قال القيادي في الحراك الجنوبي عبد العزيز قاسم، لـ”سبوتنيك”، لا خيار أمام المجلس الانتقالي الجنوبي سوى المكاشفة والوضوح ومواجهة الشارع الجنوبي بكل الحقائق والتعقيدات وطبيعة اتفاق الرياض والضغوط التي يواجهها من قبل المجتمعين الإقليمي والدولي وتحديدا التحالف، لأن بقاءه في هذا الوضع المدان يجعله جزء من حالة الغموض والضبابية التي يعيشها الشارع الجنوبي ولاعب رئيسي فيها لا يمكن إعفاءه بأي حال، طالما ظل يقبع في المنطقة الرمادية دون تحديد موقف واضح من اتفاق الرياض المنتهي مدة تنفيذ بنوده في الخامس من شهر فبراير الجاري.
انحدار خطير
وأضاف القيادي بالحراك، استمرار الانتقالي في مجاراة الراعي الرسمي لاتفاق الرياض، دون مؤشرات واضحة وملموسة على الجدية والالتزام بتنفيذ الاتفاق، يمثل تراخي ورضاء الانتقالي أمام هذا الانحدار الخطير، ويسقط ادعاء تمثيله للقضية الجنوبية، ويضع نفسه في موقف المساءلة الشعبية والنخبوية لطبيعة الدور المشبوه الذي يلعبه، ناهيك عن وجود قوى جنوبية بدأت أصواتها تعلو بعد أن كان لها رأي مغاير عن طبيعة التحالفات التي تعتبرها مخلة مجحفة طالما لم تكن وفق ضمانات ومواقف واضحة بشأن القضية الجنوبية وترتكز عليها.
وتابع قاسم، هذه العلاقات والتحالفات والاتفاقيات وما عداها لا تمثل الشعب الجنوبي، وبعيدا عن هذه الخيارات يكون المجلس الانتقالي أمام خيار المواجهة مع الشرعية، أو المواجهة مع الشعب، الاحتقان أصبح واضح وبدأت الأصوات ترتفع وتمتعض بشكل مباشر ضد السعودية، وتعتبرها حجر عثرة أمام تطلعات الشعب الجنوبي، ووصلت بعضها إلى مطالبة الرياض بإنهاء تواجدها في عدن، وتطالب بعودة القوات الإماراتية بدلا عنها، وقد تشهد المحافظات الجنوبية مواجهات أكثر من السابق، وبدأت في شبوة وجزيرة سقطرى.
وكانت الحكومة اليمنية والمجلس الانتقالي الجنوبي، وقعا، برعاية سعودية، في الخامس من نوفمبر الماضي، اتفاق الرياض لإنهاء التوتر والتصعيد العسكري بينهما على خلفية سيطرة قوات المجلس على العاصمة المؤقتة عدن في العاشر من أغسطس الماضي، عقب مواجهات دامية مع الجيش اليمني استمرت أربعة أيام وأسفرت عن سقوط 40 قتيلاً و260 جريحاً. بحسب الأمم المتحدة.
وينص الاتفاق على “مشاركة المجلس الانتقالي الجنوبي في وفد الحكومة لمشاورات الحل السياسي النهائي لإنهاء انقلاب جماعة أنصار الله “الحوثيين” على الشرعية اليمنية.
ويحدد الاتفاق، في ترتيباته السياسية، تشكيل حكومة كفاءات لا تتعدى 24 وزيرا بالمناصفة بين المحافظات الجنوبية والشمالية، يعينهم الرئيس عبد ربه منصور هادي بالتشاور مع رئيس الوزراء والمكونات السياسية خلال 30 يوما من توقيع الاتفاق على أن يؤدي أعضاؤها القسم أمام الرئيس في اليوم التالي بعدن، وهي المهلة التي انتهت بالفعل دون تنفيذ ذلك.
كما ينص على عودة جميع القوات – التي تحركت من مواقعها ومعسكراتها الأساسية باتجاه محافظات عدن وأبين وشبوة منذ بداية أغسطس الماضي- إلى مواقعها السابقة، وتحل محلها قوات الأمن التابعة للسلطة المحلية في كل محافظة خلال 15 يوما.
ودخل اليمن في اتون حرب اهلية منذ اجتياح الحوثيين العاصمة صنعاء في سبتمبر 2014 وانقلابها على السلطة الشرعية المتوافق عليها دولياً.
وتقود السعودية منذ مارس 2015 تحالفا عسكريا بهدف انهاء انقلاب الحوثيين واعادة الشرعية ممثلة بالرئيس عبدربه منصور هادي إلى اليمن.