كشفت شبكة الأنباء الإنسانية (إيرين) أن الأمم المتحدة قامت بمحاولة فاشلة لإجلاء أكثر من خمسة آلاف يمني قرب ميناء الحديدة، أكبر موانئ البلاد، والذي يواجه هجوماً وشيكاً من قِبل قوات التحالف العربي الذي تقوده السعودية.
وقالت الوكالة نقلاً عن مسؤولي إغاثة في اليمن، إنّ المحاولة لنقل المدنيين جرت في 27 ابريل/نيسان لنقلهم إلى أماكن أكثر أمناً حيث يمكنهم تلقي المساعدة دون حدوث اضطراب. وفي النهاية أظهر عدد قليل من السكان المحليين الموافقة فيما رفض الباقي التحرك.
وقال مسول إنساني: كان الأمر برمته فشلاً.
وأضافت الوكالة إن معركة الحديدة تقترب شيئاً فشيئاً، مما يهدد بتهجير الكثيرين من المدينة البالغ عددهم 600 ألف مواطن، وتشهد المنطقة قرب الميناء بطء أكبر في عملية الإجلاء.
وأشارت الوكالة إلى أن الإمارات أعلنت في 14 مارس/آذار الماضي هجوماً برمائياً جديداً جنوب الميناء.
وقال آدم بارون، وهو زميل زائر في المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية: “من الواضح أن هذا ما يحدث في الحقيقة”. “إنهم في الواقع يحققون زخمًا متسارعاً نحو الحديدة”.
وقالت الوكالة إنه وعلى الرغم من الفشل الأولي، يشير مسؤولو الأمم المتحدة وعمال الإغاثة إلى أن عمليات الإخلاء هذه يمكن أن تصبح تكتيك إغاثة جديد هام في اليمن، حيث يحتاج 22 مليون شخص إلى المساعدات، وأكثر من ثمانية ملايين شخص يعانون من نقص حاد في الغذاء، وتهدد المعركة التي تلوح في الأفق في الحديدة الأزمة إلى مستوى آخر.
ويقول المحللون إن تحريك المدنيين من طريق الأذى يعد ” الملاذ الأخير ” في صندوق الأدوات الإنسانية – وأن الخطة في اليمن ستكون محفوفة بالمخاطر.
وقال سحر المحمدي، مديرة قسم الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في سيفيك: “يجب أن يكون نقل المدنيين طوعاً، ويجب أنَّ يتم تنسيق الأمر في هذا الموضوع مع المجتمعات والمنظمات غير الحكومة المحلية لمعرفة أين سيغادر الناس، ومتابعة من يتركون ورائهم”.
وتنص خطة الأمم المتحدة التنفيذية، التي حصلت عليها شبكة الأنباء الإنسانية (إيرين)، على أن الأمم المتحدة قامت بتنسيق جهود إعادة توطين 1600 أسرة محاصرة في “الخطوط الأمامية” للحرب في “حيس” في 14 ابريل/نيسان. لكن معظم السكان رفضوا.
وتقول الخطة إنّ الحرب استعرت في 20 ابريل/نيسان وأنها لم تتمكن إلا من مساعدة 800 أسرة في ذلك المكان، فيما ظل البقية عالقين.
وتم نقل المدنيين المحاصرين إلى منطقة خدمة إنسانية على بعد 40 كم من الخطوط الأمامية للحرب، حيث يتم توفير مساعدات طارئة لهم؛ ولا يعرف المكان الأخر الذي سينتقلون إليه إذا ما اشتد القتال.
وقد أخبر عديد من مسؤولي الأمم المتحدة ومسؤولي الإغاثة (إيرين) أن الخطة فشلت لأن السكان المحليين لم يتم استشارتهم، ولأن أحداً لم يشرح للسكان سبب مغادرتهم المنازل وقطع مصدر رزقهم.
كان الإخلاء الأول من نوعه من قبل الأمم المتحدة في اليمن، لكن الهيئة العالمية قامت به في مكان آخر؛ في سوريا، قامت الأمم المتحدة بذلك الإخلاء لكنه كان متسرعاً وخاطئاً وقدمت المعلومات لأجهزة الأمن الداخلية التابعة للنظام في منطقة حمص القديمة.
في اليمن، خلقت الخطة حالة من القلق داخل الأمم المتحدة وبين شركائها في المجال الإنساني، وفقاً لعدة مصادر رفيعة المستوى. إذ تعتبر مساعدة لأحد أطراف الصراع وعِلم بالعمليات العسكرية قبل ذلك.
ويرون أن ذلك يعطي التحالف صورة إنسانية، وفي الوقت نفسه، يمكن للحوثيين الاستفادة من العملية لوضع المدنيين في مواقع استراتيجية.
وكانت الأمم المتحدة ومسؤولون آخرون من وكالات المعونة غير راغبين في التحدث عن عملية الإجلاء المسجلة. لم تستجب منسقة الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية، ليز غراندي، لطلب شبكة الأنباء الإنسانية (إيرين) للتعليق. في مارس / آذار، انتقلت “غراندي” رسمياً إلى اليمن قادمة من العراق، حيث كانت قد شغلت نفس المنصب أثناء القتال ضد ما يسمى “الدولة الإسلامية” وتم تشريد الملايين من مدن مثل الفلوجة والموصل.
وقال متحدث باسم مكتب تنسيق المساعدات الإنسانية التابع للأمم المتحدة لشبكة (إيرين) إنهم “ليسوا في وضع يمكنهم من تأكيد أو نفي” المعلومات المتعلقة بمحاولة الإخلاء في الحديدة.
أخبر مسؤول في الأمم المتحدة (إيرين) أنهم يستعدون لإمكانيات معركة في الحديدة. وتحدث بشرط عدم الكشف عن هويته،
لقد كانت معركة الحديدة محتملة منذ سنوات، وحذرت وكالات الإغاثة من أن محاولة تحرير المدينة سيؤدي إلى عواقب كارثية، ليس فقط بالنسبة للمدنيين الذين يعيشون في الجوار، بل لملايين اليمنيين الذين يعتمدون على السلع التي يوفرها ميناءها.