محليات

لأول مرة.. الحكومة توجه انتقادات علنية للغارات الأمريكية في البلاد

 


انتقدت الحكومة الشرعية، الغارات التي تشنها طائرات أمريكية دون طيار في البلاد، وزادت العام الماضي أربعة أضعاف عن العام الذي سبقه.


وقال وزير حقوق الإنسان اليمني “محمد عسكر” في مقال نشرته صحيفة “الغارديان” البريطانية يوم الجمعة، إن استخدام الطائرات بدون طيار في اليمن لا يجعل اليمن أو الولايات المتحدة أكثر أمنا.


وأضاف إن الزيادة الضخمة في هجمات الطائرات بدون طيار العام الماضي، إلى جانب قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الذي يقضي بإضعاف الضمانات التي تهدف إلى حماية المدنيين، هي التي تسبب الدمار والخراب. في العام الماضي وحده، قُتل عدد كبير من المدنيين أو أصيبوا بجروح. وقد شهدت مجتمعات بأكملها هذه الخسائر، وأصبحت تخشى من الطائرات الأمريكية التي تحوم فوقها.


وقال “عسكر” في المقال، إنه يعتقد أن أفضل طريقة لمكافحة الإرهاب هي بناء بلد قوي عبر: الاستثمار في البنية التحتية والمؤسسات الحكومية حتى يتم اعتقال الأفراد المشتبه في تورطهم ومحاكمتهم بشكل صحيح. فاليمن ملتزم تماما بسيادة القانون.


ولفت عسكر إلى ما أثبته الشباب اليمني خلال الربيع العربي عندما ناضلوا سلمياً من اجل مبادئ الديمقراطية التي غالبا ما تقوض الطائرات بدون طيار؛ وبينما قد نواجه في الوقت الحالي تحديات، فقد أنشأنا آليات وطنية تعزز المساءلة وتهدف إلى وضع حد للإفلات من العقاب. نحن نسعى إلى أن نكون مثالاً يحتذى به، من خلال إعطاء الناس الإجراءات الواجبة التي يسعى الإرهاب إلى تقويضها.


وقال عسكر: حكومتي تقاتل مجموعتين متطرفتين: تنظيم القاعدة والحوثيين. بصفتي وزير حقوق الإنسان، فإن مسؤوليتي هي ضمان حماية الحقوق الأساسية لليمن، المنصوص عليها في دستورنا.


وأشار إلى أنه “وفي الصراع القاتل مع تنظيم القاعدة، فإن آخر ما نحتاج إليه هو أن نفقد الحياة الأبرياء بغباء، ولكن هذا ما يحدث، مرارا وتكرارا”.


وشرح “عسكر” قصة عائلة حريدان اللذين طردهم الحوثي من منازلهم بهجوم على قريتهم وهربوا إلى مخيم للنازحين داخلياً في محافظة الجوف. وهي منطقة تسيطر عليها الحكومة وبعيدة عن أي خط أمامي للحرب. في شهر آذار/مارس من هذا العام، قُتل ثمانية من أفراد الأسرة بينهم صبي في الثالثة عشرة من العمر، بصواريخ أطلقتها طائرات أمريكية دون طيار.


ولفت إلى أن هذا ما كشفته اللجنة الوطنية اليمنية، وهي الهيئة الرسمية المكلفة بتوثيق الانتهاكات، حيث قام فريق من المحققين بتحديد وقائع الضربات الصاروخية بين 5 و8 مارس/آذار وقاموا بإجراء مقابلات مع السكان المحليين وجمعوا بيانات موقعة منهم. ونفوا بشكل قاطع أن يكون الرجال الذين قُتلوا لهم أي علاقة بتنظيم القاعدة.


أخذ فريق المحققين صوراً للحطام وسجلوا شهادات باقي السكان على فيديو. في أحد المقاطع أظهر معلم “عامر حريدان” كيف أنَّ عامر طالب جيد كان عمره ثلاثة عشر عاماً فقط. أما الرجال الذين قُتلوا فهم مزارعون. إنها مأساة أن سعيهم للهروب من صراع واحد جعلهم ضحية لصراع أخر. فقد أنهى مشغلوا طائرات دون طيار حياتهم من على بعد آلاف الأميال.


وقال عسكر إنّ باقي أعضاء العائلة لا يسعون إلى الانتقام. إنهم فقط يريدون إجابات واعتذار. إنهم يريدوا أن يعرفوا لماذا قُتل أبناؤهم وأزواجهم وأبواؤهم وإخوانهم، وهم يودون أن يعترف المسؤولون عن خطأهم. الشفافية والمساءلة هما أمران حاسمان لإظهار الشعب اليمني أن حلفائنا، مثل الولايات المتحدة، لا يعملون كقوات الحوثي أو تنظيم القاعدة.


وأشار إلى أن الشعب اليمني تعب من الحرب والمعاناة ويتطلع نحو بلد ديمقراطي أكثر أمناً، لذا فإن خطاب تنظيم القاعدة لا يستهويهم. نحن كبلد ملتزم تماما بهزيمة الإرهاب. ومع ذلك، فإن طريقة القيام بذلك تتمثل في تعزيز سيادة القانون وعدم تقويضها. نحن بحاجة إلى دعم من الولايات المتحدة والمملكة المتحدة والمجتمع الدولي لمساعدتنا في تحقيق ذلك.


وأكد عسكر حرص حكومته على التعاون مع الولايات المتحدة والمملكة المتحدة والحلفاء الغربيين الآخرين للتصدي للإرهاب، سواء في اليمن أو في أي مكان آخر. ولكن يجب أن يعكس النهج الذي نتبعه المثل العليا التي ننتسب لها جميعًا – وهي مُثُل تدعم سيادة القانون وتعزز حقوق الإنسان. وأي شيء أقل من ذلك، ستكون العواقب ليست مجرد وفاة المزيد من الأبرياء مثل عامر، بل وأيضاً لعالم أقل أمانًا لنا جميعًا.


 

زر الذهاب إلى الأعلى