مشروع الحوثي الاستئصالي والدور المأمول للأحزاب والنخب
إذا ظلت الأحزاب والمكونات السياسية ملحقة بالأحداث، وغير قادرة على أن تجد لنفسها مكاناً لائقاً على طاولة اتخاذ القرار، فهذا لن يكون حدثاً استثنائياً في التاريخ السياسي لنظام الحكم في اليمن، لكنه سيكون بالتأكيد دليلاً على أن المشروع السياسي الذي يقاوم مشروع الحوثي الاستئصالي يتحرك من غير أداة فاعلة تبشر به وتدافع عنه.
فالمشروع السياسي لا بد له من أداة سياسية متماسكة تقوده وتعمل على إنجاحه.
لا يجب أن يترك الأمر فقط للبندقية، فحتى القذيفة لا بد أن يكون نصفها بارودا ونصفها سياسة وإلا فإنه لا معنى لها.
***
المثقف اليمني “العضوي” لا بد أن يجد قدراً من المشتركات مع غيره من المثقفين.
التاريخ السياسي لليمن المعاصر تاريخ أيديولوجي بامتياز، وكانت السياسة مثقلة بالهم الايديولوجي الإقصائي، فأنتجت ثقافة تبحث عن عناصر الخلاف أكثر مما تبحث عن المشتركات.
وفي حين لم تخل برامج القوى السياسية من نقاط تقاطع بين كثير من أطرافها المختلفة حينما يتعلق الأمر بقضايا مثل الحرية العدل ومكافحة الظلم والاستبداد وحقوق الانسان.. والكفيلة بإنتاج قاعدة لثقافة مشتركة تكبح جماح الدوجما التي ترى الآخر دائماً مشروعاً طارئاً غير قابل للبقاء ويجب تكسيره، فإن المثقفين عموما يتماهون مع التاريخ السياسي ومنظومة الايديولوجيا المحيطة به أكثر من تمثلهم لهذه القيم التي من الممكن أن تتصدر مشروعهم الثقافي الذي يعول عليه في تهذيب السياسة، وإعادة بنائها بقواعد مختلفة، بعد أن أثبتت القواعد القديمة تخلفها عن حاجة اليمن إلى الاستقرار.
مهمة هذا المثقف في مثل هذه الظروف هي خلق الوضع الثوري لتعبئة المجتمع لمواجهة هذا المشروع الاستئصالي، ومغادرة الماضي وصراعاته، لا تشتيت وعيه بخصومات فيها من السذاجة ما يجعل المواجهة عملية متراخية تتزلف الصدفة و”الحكمة” والسلام بغياب الشروط الكافية لتحقيق ذلك.
ومع ذلك يظل كل هذا مجرد محاولة لمخاطبة واقع إشكالي ما زال يرى سبعة يوليو نصرا مبيناً وقد آل بكل نتائجه إلى هذا السقوط المريع.