مقالات

رسالـة لأبناء شرعب

اكاد اقول واجزم بان شرعب عموما ومديرية الرونة على وجه التحديد بفضل من الله وتوفيق منه وبحكمة وعقلانية قيادات الاحزاب والمكونات والنشطاء والمثقفين وبجهود كبيرة بذلت من قبل المشائخ والمرجعيات وقيادات المديرية داخلها وخارجها وبمختلف توجهاتهم واصطفافهم شرعية وانقلابا أو مواقف الحياد.. فبهم جميعا وبفعل جغرافية الموقع المفتقر لابسط المؤهلات الاستراتيجية التي تقتضيها خطط معارك السبق العسكري.. استطاعت شرعب ان تتفرد عن باقي مديريات ومناطق اليمن بشكل عام ومديريات تعز بشكل خاص في الحفاظ على وحدتها المجتمعية وحماية ذاتها من الانخراط في اتون الصراعات المسلحة والاقتتال البيني في اوساط مناطقها وقراها.

حيث ظلت كجغرافيا مسالمة ومحايدة عسكريا امام كافة الاحداث والتغيرات التي عصفت باليمن على مدار تسع سنوات بدءا من عام 2011 وانقساماتها مرورا بكوارث 2015 والتي ما زالت حتى اليوم منتصف 2020.

وبرغم التباينات الكبيرة فيما بين ابناء المديرية والصدارة القيادية لعدد من ابنائها في الاصطفاف السياسي والعسكري مع وضد وبالرغم من المشاركة الفاعلة لعدد كبير من ابنائها في جبهات القتال (شرعية وانقلاب ومسميات اخرى على امتداد ساحات اليمن وشريطها الحدودي..) وسقوط ضحايا كثر في الجبهات..

الا ان الجميع داخلها وخارجها وبمختلف توجهاتهم كانوا وما زالوا وسيظلون حريصين كل الحرص على تجنيب مناطق المديرية الصراعات والاقتتال في اوساطها.

فلكل جبهته واصطفافه ومترسه وبندقيته في مواقع الحسم الاستراتيجي والمحوري لمعارك الصراع خارج جغرافيا المديرية وعلى ان يظل الجميع داخل المديرية مواطنين تجمعهم قواسم الهوية والنسب والامن المشترك ووحدة الموقف الجمعي ايجابا حول شرعب لتظل في السلام.

الجميع على قناعة بان خوض معارك عسكرية في شرعب لصالح الشرعية لن تكون معارك حسم ذات نفع وجدوى، ولن تغيير في معادلة اسقاط صنعاء العاصمة شيئا، ولن تنهي الانقلاب..

وفي المقابل فان اي استفزازات ستقوم بها جماعات الانقلاب بهدف نصب مواقع عسكرية في اوساط شرعب أو اعمال اجتياحات ومداهمات لقرى ومناطق فيها لن تقدم للانقلاب روافع قانونية جديدة تمنحه شرعية الاعتراف به دوليا أو محليا ولن تجلب له ميناء بحريا أو بحيرة نفطية أو تفتح له الطريق نحو العاصمة عدن أو بوابة العبور نحو السعودية..

فبالعودة إلى ذاكرة ما قبل اربعين عام سنجد بان غباء تاريخيا ارتكب في حق شرعب خلال تلك الحقبة عندما ذهب بعض ابنائها بكل غباء نحو ادارة معارك في اوساطها ظنا منهم بان جبال شرعب بوابة ثورة الزحف الاحمر الشيوعي نحو اسقاط صنعاء الراسمالية وبغباء مضاد ذهب الاخر ليدير معركته في جبال شرعب ايضا ظنا منه انها بوابة النصر الاسلامي المبين لفتح عدن الماركسية.

وامام كل ذلك الغباء تحولت شرعب إلى بحور من دماء وتمزقت اجساد ابنائها فوق جبالها إلى اشلاء.. دون فتح لعدن أو سقوط لصنعاء..

وبالتالي فإن خيارات الاقتحامات والمداهمات أو فتح جبهات ومعارك أو استفزاز الفرز السياسي والفكري والعقائدي.. جميعها تكرار للغباء نفسه ولن تخدم عسكريا أو سياسيا أو عقائديا طرفا ضد الآخر ولن تقدم لاي من الاطراف مكسبا جديدا.

فلن يكون بمقدور اعلان الصرخة وملصقات جدران صعدة ان تجعل شرعب شيعية أو زيدية أو هاشمية ولن يكون بمقدور الاخر ان ينفي عن شرعب هويتها الوطنية.

فرغم انف ذا وذاك ستظل شرعب موطن تعايش تحتضن كل ابنائها بمختلف توجهاتهم وستزول عنها الفقاعات وتصفو مياهها وسيظل جميع ابنائها حريصين كل الحرص على تجنيبها الحروب والاقتتال.

وليعلم الجميع بان شرعب لم تكن يوما عائقا امام تحرير صنعاء وفي المقابل فهي ايضا ليست بجبال ردفان أو مواقع جبال هيلان فلا سهولها حقول المسيلة ولا وديانها نفط صافر أو بوابة الوديعة.

فمن كان فيه خير لشرعب فليمنحها السلام ويرفدها بالخدمات وسيكون له جميل مخزون في ذاكرتها وما دون ذلك فشرعب بغنى عنه ولا قبول لديها بخيارات اخرى سوى السلام.

اللهم اننا نسألك السلام لكل اليمن.

زر الذهاب إلى الأعلى