تعزتقاريرمحليات

أطفال مخيمات النزوح في تعز.. بين التسول ومخاطر التحرش الجنسي في الشوارع

على مقربة من مخيمات النازحين في “الكدحة”، في الشارع الرئيس الرابط الذي القادم من مدينة تعز والمؤدي إلى مدينة عدن، يقضي أطفال النازحين ساعات النهار، في بيع الماء والتسول من المارة وسكان القرى المجاورة، باحثين عن لقمة عيش لهم ولأسرهم القابعة في خيام خالية من الطعام، ومهددة بشبح الموت جوعاً.

بعض الأطفال يعودون إلى أُسرهم بكسرة خبز، أو بمبالغ مالية زهيدة. البعض الآخر، يعودون مكسوري الخاطر والجناح. بعض الأطفال لم يعودوا إلى أسرهم.

كذلك، يقضي أطفال النازحين أغلب أوقاتهم في النهار، بالتسول، وممارسة المهن الصغيرة، كتغسيل السيارات، في منطقة “البيرين” القريبة من مخيمات النازحين. ليس لدى هؤلاء الأطفال خيارات أخرى في الحياة. لا يحصلون على تعليم، ولا رعاية، ولا غذاء. صاروا مكرسين حياتهم للكفاح اليومي المنهك كي يبقون على قيد الحياة.

أطفال تتراوح أعمارهم بين السابعة والسابعة عشر. تجمعهم خيام النزوح في ساعات الليل، والشارع ومهنة التسول في ساعات النهار. في الليل نازحين وفي النهار مشردين ومتسولين وباحثين عما يسد رمقهم وجوعهم. هذا هو حال الأطفال النازحين في منطقتي “الكدحة” و”البيرين”. ويبدو أنه حال بقية الأطفال النازحين في محافظة تعز واليمن بشكل عام.

الكثير من النازحين باتوا يشعرون بقلق بالغ على مصير أولادهم، الذين يغادرون كل صباح خيام سكنهم، ولا يعودون إلا في عند غروب الشمس.

 الحياة في الشارع تجعلهم أكثر عرضة للأذى النفسي، والاعتداء بكافة أشكاله، بما في ذلك التحرشات الجسدية والجنسية. آبائهم وأمهاتهم يدركون ذلك، لكن ليس بإمكانهم إبقائهم فريسة للموت جوعاً في مخيمات النزوح.

أكد بعض الآباء النازحين، في أحاديثهم لـ “الشارع”، أن أطفالهم تعرضوا ويتعرضون للضرب والتحرش الجنسي. لكنهم يعجزون عن إيقاف ذلك، أو الحؤول دون حدوثه.

قال الشاب النازح (ع. م)  “قبل أيام أخبرني أخي الصغير محمد، عمره 12 سنة، أن شاباً مسلحاً كان يريد يُطَلِّعه السيارة، طلب منه أن يطلع معه السيارة، ووعده بأن يعطيه فلوس.. وبالمصادفة وصلت أنا، وعندما رآني الشاب المسلح غار المكان”.

يعمل الأطفال والشباب النازحين في مهن متعبة ومنهكة. أسامة رشاد (نازح) يعمل في جمع العلب البلاستيكية الفارغة لبيعها بمبالغ زهيدة. وجده موفد “الشارع” وهو يحمل “جونية” كبيرة وواسعة وفيها علب بلاستيكية فارغة. يسير في الشوارع والقرى باحثاً عن تلك العلب. يفعل ذلك في شوارع “الكدحة” و”البيرين” وصولاً إلى “المسراخ”. “الشارع” التقطت صورة له وهو يسير حاملاً “الجونية” الكبيرة على ظهره.

يسير أسامة في عامه الـ 15، لكنه يبدو أكبر سناً من ذلك. لقد أُنهكت قواه، وشاخ وهو لايزال في مقتبل العمر؛ “العمر الغنائي”، بحسب وصف “كونديرا”.

يمارس أطفال وشبان النازحين التسول، وأعمال صغيرة عدة تتمركز حول بيع الماء والاحتياجات الأخرى الصغيرة، أو جمع العلب البلاستيكية الفارغة. يمكن ملاحظة ذلك بسهولة في المناطق التي فيها مخيمات للنازحين. والمشهد الأكثر ملاحظة هو بيع الأطفال للماء. دون اهتمام بمخاطر الحوادث التي قد يتعرضون لها، يتجمع أطفال النازحين في الشارع الرئيس لبيع الماء للمارة والمسافرين. يقبلون على العمل أياً كانت المخاطر المترتبة عليه، وهدفهم الوحيد هو الحصول على الأكل، هذا إن حالفهم الحظ.

يقول الطفل النازح جميل أحمد لـ “الشارع”: “نبيع ماء لصاحب البقالة هنا في البيرين، ومعانا بعد كل حبة ماء عشرين ريال”.

لماذا تشتغلون؟ رَدَّ جميل: “أنا أشتغل عشان أحصل مصروفي يكفينا”. وأهلك؟ أجاب: “أخي يعمل على غسل السيارات هنا، ويَصَرِّف عليهم”.

الحرب أدت زيادة البطالة بشكل كبير وغير مسبوق، ووسعت من ظاهرة التسول في البلاد. والأطفال يدفعون الثمن الأكبر لذلك.

زر الذهاب إلى الأعلى