مقالات

الحوثيون.. والجحر الصحي !

 


كل إجراء أو مظهر عام هنا يجري التعاطي معه وفقاً لثقافة الزحمة السائدة لدى الكثير من اليمنيين, وبالقدر الذي يشعر صاحبه بطغيان الحضور ولفت ما يعتقد من الانتباه .


 


ستجد مثلاً عند الحواجز المسماة زوراً بالأمنية في المدن, قيام العسكر بسد خطوط السير بالأحجار وقطع الحديد والعجلات المستهلكة, والإبقاء على مسار واحد، وبما يؤدي إلى إحداث حالة من الزحام، وهو الهدف المرجو من هكذا إجراء, ليقوم العسكري بعد ذلك برفع يديه في إشارات متتالية للسائقين بسرعة العبور, وبما يمنحه كثيراً من الزهو والشعور بأهمية وجوده.


 


تعاطي السلطة الحاكمة مع القضايا والمناسبات العامة يسير أيضاً وفقاً لثقافة الزحمة, مترافقة مع أساليب هبر، وطرق توظيف سياسي ووطني لا تتوفر سوى في اليمن, متكئين على وعي عام متدنٍ للمجتمع, والذي يمثل في النهاية نتاجاً لمجموع سياساتها وتوجهها الممنهج في تشكيل وعي العامة وفقاً لرؤيتها في توفير ضمانات البقاء .


 


تعاطي المجتمع الدولي مع جائحة كورونا يتم انطلاقاً من وظيفة الدولة, ولذا شاهدنا وسمعنا وقرأنا عن مجمل الطرق والسياسات الصحية التي اتخذت لمواجهة هذا الوباء، والذي اجتاح كثيراً من الدول .


 


في اليمن- وبناء على ما سبق- يجري التعاطي مع كارثة كورونا من منطلق ثقافة الزحمة والمزايدة والاتجار في إبداء الحرص على الناس, مترافقة مع طرق النصب المتبعة في مثل هذي الحالات والحالات المشابهة, مع أن البلاد منكوبة بكورونا القتل والدمار والمذهب والسلالة، وما يفرق أواصر المجتمع ووحدته الوطنية, ومع ذلك يتم التعامل معها من منطلقات العزة والكرامة والإباء والشموخ وما شابهه من اللغة والتوصيف المبتذل .


 


اتصل بي أحد الأقرباء من أمام حاجز عفار بالبيضاء, والذي وصل إليه مغرب قبل أمس، قادماً من مأرب في طريقه لصنعاء .


 


نقل لي صورة فوتوغرافية للمكان, حاجز أمني لمجموعة من المسلحين الحوثيين, يصطف على جانبيه ما يقارب 300 سيارة و70 باصاً مختلفة الأحجام، تقل جميعها آلاف المسافرين.


 


نساء وأطفال وكبار سن في العراء, لا يجدون الماء، ويفتقرون للغذاء، في ظل افتقار المكان لأي خدمات, عدا دكان صغير هو مصدر توفير القليل من الحاجات لهؤلاء المنكوبين, اللذين منعوا من مواصلة سفرهم ولمدة 14 يوماً, بحسب توجيه سلطتهم كما أفادوا. تصوروا؛ هذا العدد المتزايد للمسافرين والحاجات المرتبطة بوجودهم، في ظل ظروف المكان المفتقر لأبسط الخدمات .


 


كل هذي البهدلة والامتهان, ومع ذلك يطلقون على هذا الإجراء “حجر صحي”، في وقت نفهم أن الحجر الصحي يترافق مع وجود المنشآت الخاصة به, وإيجاد الخدمات الصحية من مختبرات متخصصة, مع طاقم صحي وفني لإجراء الاختبارات والفحص اللازم, إلى جانب توفير كافة الخدمات التي يحتاجها الموقوفون, ومن ثم السماح  بمواصلة السفر لكل من ثبت عدم إصابته بالمرض .


 


بعد ليلة كاملة من البرد والبهدلة عاد قريبي إلى مأرب, وهو يلعن اليوم الذي وجد فيه على هذي المساحة من الكبة الأرضية.. شديد اعتذاري على الخطأ الإملائي غير المقصود في عنوان المنشور!


 


 

زر الذهاب إلى الأعلى