مقالات

كل شيء عرضة للتَّسييس بما في ذلك “كورونا”

 


 


يعيش العالم أجمع جائحة اسمها “كورونا”. لكن المناخ العام في اليمن يجعل كل شيء عرضة للتَّسييس السلبي من قِبل أطراف الحرب الذين تبادلوا الاتهامات بتعريض البلاد لخطر إدخال الوباء.


 


يتابع اليمنيون السرعة المخيفة التي يتفشى بها فيروس “كورونا”، في أنحاء مختلفة من العالم، بخليط من مشاعر الخوف وعدم الاكتراث. فكل واحد منهم يعلم أنه يعيش في بلد محطَّم وبلا نظام صحي متماسك ولا حكومة واحدة مسؤولة.


 


وكانت أطراف الصراع قد أعلنت ترحيبها بدعوة الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، في 23 مارس الماضي، إلى وقف إطلاق النار في اليمن، للتركيز على مواجهة “كورونا” وتداعياته الإنسانية.


 


ونقلت وسائل الإعلام عن متحدث باسم التحالف بقيادة السعودية أنه يرحب بقبول الحكومة اليمنية المعترف بها دولياً لدعوة غوتيريش لوقف إطلاق النار من أجل محاربة تفشِّي كورونا. وعلّق القيادي في جماعة الحوثي، محمد علي الحوثي، في تغريدة على حسابه في “تويتر”، بالقول إن “‏إعلان التحالف القبول بوقف إطلاق النار، وخفض التصعيد، واتخاذ خطوات عملية لبناء الثقة بين الطرفين في الجانب الإنساني والاقتصادي أمر مرحب به”.


 


وقال ‏المبعوث الأممي إلى اليمن مارتن غريفيث على حسابه في تويتر الخميس 26 مارس إنه يشعر بالسعادة لما وصفها بـ”الردود الإيجابية” من الحكومة اليمنية و”أنصار الله” لنداء الأمين العام للأمم المتحدة بشأن وقف إطلاق النار. وأوضح أنه “يتوقع من الأطراف الالتزام بما صرحوا به وتغليب مصلحة الشعب اليمني على كل شيء”.


 


وفي الواقع، لم يمضِ الكثير من الوقت على بيانات الترحيب بدعوة أمين عام الأمم المتحدة لوقف إطلاق النار في اليمن، قبل أن ينفِّذ الحوثيون هجمات صاروخية جديدة باتجاه مدينتي الرياض وجيزان في المملكة العربية السعودية. وذكرت وسائل إعلام سعودية، في 28 مارس، أن الدفاعات الجوية السعودية اعترضت صاروخين باليستيين في سماء العاصمة الرياض، بالإضافة إلى اعتراض صاروخ آخر في سماء مدينة جيزان جنوب المملكة.


 


وردَّتْ السعودية بسلسلة من الغارات الجوية الانتقامية طالت مواقع للحوثيين في صنعاء وعدد من المحافظات في شمال اليمن.


 


في غضون ذلك، كان القتال في محافظتي مأرب والجوف، شرق العاصمة صنعاء، يدور بوتيرة متصاعدة بين الحوثيين من جهة، والقوات الموالية للرئيس المعترف به دولياً عبدربه منصور هادي من جهة أخرى. في الثاني من مارس، كان الحوثيون قد تمكَّنوا من السيطرة على مدينة الحزم، عاصمة محافظة الجوف، وباتوا منذ ذلك الحين يشكِّلون خطراً حقيقياً على مدينة ومحافظة مأرب الغنية بالموارد النفطية. هذا الوضع العسكري الممتاز بالنسبة للحوثيين يجعلهم أقلّ تجاوباً مع نداءات وقف إطلاق النار في الوقت الحالي.


 


الحرب هي المجال الوحيد الذي يحتاج فيه الحوثيون إلى اختبار كفاءتهم فيه، وليس التصدِّي لفيروس كورونا. وقد أَعدّوا لمواجهة كورونا دعاية مزدوجة: ففي حال استمرار خلو اليمن من كورونا، وهي لم تعد خالية تماماً من الوباء كما ذكرنا في البداية، يقول الحوثيون: هذه إرادة الله التي تقف إلى جانب اليمن إكراما لمن يسمّون أنفسهم “أنصار الله”، أمّا في حال بدأ الوباء في الانتشار، فإن هذا يؤكِّد سردية المؤامرة التي تقف وراءها بالضرورة أمريكا واسرائيل والسعودية، وهي السردية نفسها التي يعتنقها النظام الإسلامي في إيران والمجموعات التابعة له في المنطقة.


 


 

زر الذهاب إلى الأعلى