مقالات

معاً لوقف الحرب

 


 


 


وقفُ هذه الحرب المستمرة باليمن منذ سنوات وما تتناسل عنها تباعاً من حروب بالجنوب والشمال سيمكّــن الجميع مِـــن مواجهة التحديات الصحية، وتهيئة الأجواء باتجاه حوار سياسي شامل، بعد أن أصبحت هذه الحرب عبئاً ثقيلاً يهدُّ حيل الجميع بالداخل، ويستنزف التحالف (السعودية) ويضرب سمعتها الأخلاقية ورمزيتها الدينية بالصميم.


 


حيث تحولت هذه الحرب بالنسبة للمملكة إلى ثقبٍ أسود يبتلع طاقاتها ويشنع بسمعتها أمام المجتمع الدولي، بعد الخيبة الكبيرة التي تلقتها من حليفها الرئيس أعني السلطة الموالية لها المسماة بالشرعية، التي يغلب عليها حزب الإصلاح “ذو الفكر الإخواني”.


 


لم يعد أحد مستفيدا من استمرار هذه الحرب/الحروب، سوى فئة طفيلية تقتات عليها، ما دون ذلك فجميع الأطراف بالمعسكرين: السعودي وحلفاؤه، والحوثيون وحلفاؤهم في صنعاء، حتى وإن أظهرت هذه الأطراف عكس ذلك، فهي لا تفعل ذلك إلّا من باب المكابرة ولئلا تبدو بموقف المهزوم.


 


استمرار الحرب لم يعد وسيلة مُــجدية للجميع لتحقيق مكاسب سياسية بعد أن توقفت تروس آلة المعركة عن الدوران عند هذا المستوى من التموضع، وبعد أن صارت الخارطة السياسية على الأرض شبه ثابتة منذ شهر على الأقل، وصار الكل مقتنعا بأن الحرب قد بلغت ذروتها وتوقفت/ وفقدت زخمها.


 


ففي الشمال يبدو واضحا أن الحكومة الموالية للسعودية قد تخلت نهائيا عن فكرة الوصول الى صنعاء بعد أن باتت هذه المهمة ليست فقط مستحيلة عسكرية بل بعد أن باتت هذه السلطة ترى أن ثمة مهمة أخرى أولى بتحقيقها من مهمة التوجه صوب صنعاء، وهي مهمة اقتحام عدن وإجهاض خطوات الانتقالي التحررية، هذا علاوة على توجسها من الموقف السعودي وتلاشي عامل الثقة بينهما، ضاعفت الأزمة الخليجية من تعميق هذا الشعور، خصوصا بعد أن أخفقت السعودية ومعها الإمارات في ثني حزب الإصلاح من قطع الحبل السُــرّي مع قطر وتركيا.


 


الجنوب يبدو المجلس الانتقالي مقتنعا -هو الآخر- إلى حدٍ ما بأن الوضع العسكري على الأرض بحالته هذه، يصب في مصلحته كخطوة أولى تتبعها خطوات، سيما مع حالة تفاقم قناعته بسلبية الموقف السعودي حيال القضية الجنوبية وحيال الضغط على الطرف الآخر لتنفيذ اتفاق الرياض، وبات بالتالي يرى في أي استقرار لهذا الوضع كما هو حالياً وخفوت الضغوطات السعودية والدولية لحمله عن التخلي عن قرار بإدارة الجنوب ذاتيا، يرى في كل هذا فرصة تمكنه من ترسيخ مشروعه التحرري، وبالتالي فالحرب الشاملة فضلا عن الحروب الثانوية مع الأطراف الأخرى بالجنوب لم تعد مجدية ونافعة له، بل صارت عائقا أمام تطلعاته، وجرحا نازفاً، بشريا على الأقل، فوق أن هذه الحرب باتت وسيلة لخصم الجنوب لتكديس السلاح والمال بخزائنه في مأرب وسائر المحافظات، تحت مظلة الشرعية، ووسيلة لإدخاله أي الجنوب في دورات صدام عسكرية تنال من النسيج الوطني وتشعل جذوة الخلافات الجنوبية السابقة بين أبناء الجنوب، وتذكيرهم عند كل منعطف وعند كل استحقاق بخلافاتها القديمة، على طريقة استذكار اليهود بــ(يوم بُعاث) بين قبيلتَــي الأوس والخزرج في الموروث الإسلامي.


 


السعودية هي الأخرى صارت أكثر الأطراف رغبة بوقف الحرب، بعد أن باتت خزينتها لا تقوى على مزيد من الكُــلفة، بالإضافة إلى التزامات وحسابات أخرى محلية ودولية ضاغطة ومقنعة لها لوقف الحرب باليمن، خصوصا وأنها، أي السعودية، قد ظفرت بمكاسب كبيرة على الأرض، ولم تعد تشعر أنها ستخرج خالية الوفاض على كل حال.


 


 

زر الذهاب إلى الأعلى